المرأة المجهولة 2: الجن يتسلى بنا
مرحبا، كتبت موضوع بعنوان المرأة المجهولة، ونسيت أن أذكر فيه أن زوجة عمي لم تكن الوحيدة التي قالت أنها رأتها. فهناك غيرها قال هذا الكلام أيضا، ولكن في أماكن وأوقات مختلفة في القرية.
قريتنا صغيرة جدا، وفي الماضي كانت مأوى للمجرمين. وكل من يريد الهرب من الشرطة أو الاختباء كان يأتي إلى قريتنا، لأنها أسفل جبل كبير . يعني منطقة جبلية، وفي الأسفل كانت مكتظة بالحشائش والأعشاب الكثيفة، مما يسهل الاختباء بينها. وأيضا كانت عبارة عن مقبرة كبيرة، فالناس كانوا و مازالوا يأتون من المدينة والقرى البعيدة لدفن الموتى حتى الآن.
ولكن في السابق، كانت المنازل قليلة جدا. و الآن أخذت المنازل من مساحة المقابر جزءا واسعا للغاية، وانحصر دفن الموتى في أسفل الجبل فقط بطوله، والباقي ليسكن فيه الناس.
ومن عاداتنا أن تستيقظ الأمهات أو الفتيات قبل صلاة الفجر لتحضر الخبز من المخبز. كان لابد أن أفسر الأمر جيدا عن ما قاله الناس عن تلك المرأة المجهولة. هي تخرج قبل صلاة الفجر لأي أحد تراه يسير بمفرده. تراها ترتدي عباءة سوداء ولا يظهر منها شيء كالعادة. وتجلس على الأرض بجانب أحد المنازل وتنتظر حتى تقترب منها.
إقرأ أيضا: المرأة المجهولة
معظم الناس ينادون عليها “من أنت؟ ولماذا تجلسين هكذا في هذا الوقت؟!”، ولكنها لا تجيب. منهم من يعيد السؤال، ولو لم ترد عليه يغير طريقه. ومنهم من يغير طريقه قبل حتى أن يسأل، فهم يعرفونها من قصص أهلهم عنها.
وأنا سمعت تلك القصص من أهلي، والذين بدورهم سمعوها من أهلهم .وأيضا من القصص حول تلك المرأة المجهولة، أنها قد تقف على جانب الطريق، وتنادي من يمر بأسمه وتطلب المساعدة. وتستمر بمناداته، وان ذهب إليها فإنه قد يموت، أوقد يصاب بالمس، أو التلبس، ولكن ما جعلني أفكر في الأمر حقا أنه حصل مع جدتي وأيضا حصل مع أمي.
تقول أمي أنها كانت تسير مع زوجة عمي الأصغر قبل الفجر كالعادة في الظلام. وبعد بضعة أمتار معدودة من المنزل، سمعت زوجة عمي صوت امرأة تنادي عليها بجانب الطريق، وتطلب مساعدتها. وعلى مايبدو أنها كانت نفس تلك المرأة المجهولة.
كانت زوجة عمي تسمع صوت جر شوال على الأرض،(مع العلم أن هذا الطريق أسفل الجبل والصوت من ناحية الجبل).توقفت وقالت لأمي:
” تعالي نساعد تلك المرأة في حمل الشوال”
تفاجأت أمي منها وقالت:
“نساعد من؟”
أشارت لها على مكان الصوت، وقالت لها:
“تلك المرأة التي تنادي هناك، تحتاج لمن يساعدها، معها شوال ثقيل لا تقدر على حمله من على الأرض”
شعرت أمي بالخوف وقالت لها:
“لا تتكلمي وامشي ولا تردي عليها”
إقرأ أيضا: حكايا الباعة المتجولين المرعبة
تعجبت زوجة عمي منها وسألتها عن السبب، فأخبرتها أنها ستجيبها بعد قليل فقط يجب عليها أن لا ترد على تلك المرأة أبدا. وبعد أن أصبحن بعيدات عن المكان كثيرا، سألت زوجة عمي أمي لماذا لم ترض أن يساعدن تلك المرأة، فقد كان معها شوال.و كان يبدو من صوت جره أرضا أنه ثقيل.
أخبرتها أمي أنه لم يكن هناك امرأة ولا شيء، تلك المرأة كانت من الجن، وان ذهبت اليها كانت ستصاب بالأذى بالتأكيد. وأن أمي لم تكن تسمع أي شيء، وأن زوجة عمي هى فقط من كانت تسمع الصوت. وأنه يستحيل أن تكون امرأة وتقف هناك أسفل الجبل عند الزجاج والخردة القديمة، وأيضا تجر معها شوال.
هذا الأمر أصدقه، فكثيرا ما سمعنا وعلمنا أن الجن قديما كان يتسلى بإخافة البشر. فأحيانا كانوا يظهرون على شكل أرانب و يركضون في الطرقات، و عندما يصادفهم أحد بمفرده يجمع منهم ما يقدر ويزيد حتى يصل لبيته. ليكتشف بعد ذلك أنهم مجرد حجارة فيرتعب خوفا أو يصيبه الجنون.
أحد رجال القرية من قبل قد أصابه الجنون لهذا السبب. فقد جمع الكثير من الأرانب و وضعهم في بيته، حتى ملأ كل الغرف، والأرانب كانت لا تنتهي من الطريق. وبعد أن ملأ البيت كله، وفي آخر مرة، وقبل أن يدخل ويغلق الباب، رأى أن كل الأرانب عبارة عن حجارة، وقد ملأ بيته بها. ومنهم من كان يخيف الفلاحين في حقولهم عندما يذهبون ليلا بمفردهم أو أن يكونوا حتى مجموعة. ومنهم من يظهر أيضا على شكل تلك المرأة المذكورة في القصة.
إقرأ أيضا: صوت الجن
ومنهم من ظهر أيضا لأبي وهذا حقيقي. فقد قال أبي لي أنه عندما كان شابا كان جالسا في الحقل بمفرده. وقد رأى أمامه البعض منهم و أطرافهما كانت طويلة. وقد كانوا يقفزون فوق مجرى ماء صغير. ويقفزون من فوق بعضهم أيضا، ويضحكان عاليا بجنون وهستيريا. فأغمض أبي عينيه وقرأ أية الكرسي، وبعضا من ايات من القرآن الكريم، وتعوذ بالله من الشيطان مرارا ثم فتح عينيه، ليرى أنهم قد اختفوا تماما.
ما أصدقه وأعرفه أن الجن قديما كانوا يخرجون للناس من أجل التسلية على اخافتهم، ولكن ما لا أصدقه أن يحصل هذا الآن. فقديما كان القرآن شبه مخفي عن الناس في القرى والمصاحف كانت قليلة جدا .ولم يكن هناك تلفاز فقط الراديو، ولم يكن في كل بيت أيضا.
على عكس اليوم، فقراءة القرآن كثرت، وسماعه كثر أيضا في المنازل.. وأيضا عدد الناس قد كثر.. هذا ما كان يحصل قديما في قريتنا، وهناك الكثير والكثير، ولكن قديما ..
التجربة بقلم : نور الهدى مشعل – مصر