القسم : أدب الرعب والعام
قدر – الجزء الثاني

***
- إنه أحد الأشخاص الرائعين ، بل إنه الأروع بالنسبة لي ، لم تسنح لنا أي فرصة لنتكلم بجدية أنا و أنت ، كنت بالطبع سأحدثك عنه ، لقد أنقذني من الموت حينما كنت صغيرة ، مات أبي وأمي وقد كنت أبنتهما الوحيدة ، ثم ترعرعت عند عمي و زوجته ، لقد تركا لي ثروة كبيرة ، و كان من المفترض أن أُحصّل هذه الثروة حينما يشتد عودي ، لكن الطمع أعمى قلب عمي و زوجته فبدءا بإشاعة أني قد أُصبت بالطاعون و حبساني في غرفة مزرية جداً ، وبالطبع لن يلومهما أحد و لن يفكر بزيارتي أيضاً ، ثم في تلك الليلة فتح الباب دخلت زوجة عمي وشدتني بعنف ، لقد باعاني ، لكني بمعجزة ما هربت ، ركضت طويلاً حتى انتهى بي المطاف في الغابة.
و قبضت بيرلا راحتي يديها كأنها استذكرت أكثر جزء مؤلم في ما تقوله :
لقد بت تلك الليلة في العراء وحيدة ، أكلت ورق الأشجار ، و في اليوم التالي ، هاجمتني أفعى ولدغتني ، ظننت أنها النهاية ، عندما استيقظت وجدت نفسي في منزل الجد، لقد رعاني حتى كبرت ، إنه أطيب إنسان قد تقابله في حياتك ، بالمناسبة من أنت ، حدثني عنك ؟.
نظر فاليريو في وجهها ثم هم بالترجّل :
- لا أدري.
بيرلا (مستنكرة ) :
-لا تدري ! ، أتسخر مني فالي ؟.
- أبداً .. ربما سقطت من السماء كما أنا.
شكراً على كل شيء .
- دعنا نتقابل مجدداً أرجوك ، لدي كلام مهم لك .
-أخبرتك ، لا شأن لي بالنساء ، وداعاً.
شعرت بيرلا بالإحباط و أحاطت بها أطياف من الحزن و اليأس :
"أنا فقط أريد أن أخبرك كم أحبك فالي ، أعطني هذه الفرصة ".
همست لنفسها بتلك الكلمات وهي تراقب فاليريو عند آخر الممر حتى ارتطام الباب .
*****
" كل هذه المقاومة لن تجدي ، لينقذني أحدكم قبل أن يخرج ".
أمسكت بيرلا الكأس ، تأملت تماوج الشراب فيه ، يمنة ثم يسرى ، كانت تتماوج كما أفكارها ، وضعت يدها على الطاولة ثم أسندت رأسها إليها :
- أي مبلغ قد بلغه ذلك الفاليريو مني !.
لماذا أنا متعلقة به إلى هذا الحد ؟.
لماذا لا أستطيع أن إخراجه من تفكيري و أنا التي استطيع تحريك جيش من الرجال بإشارة مني ، لماذا هو ، لماذا ؟.
أسبوع مضى ذاقت فيه بيرلا مرارة الانتظار و اكتوت بأسره ، لطالما عهدته على مدار ترددها إلى الحانة ، هناك على تلك الطاولة في الوسط ، تتبسم كلّما رأته يأخذ المال من خصمه و تزداد ابتسامتها شغفاً حين تراه يطيح بمتحديه واحداً تلو الآخر .
همست لنفسها وقد تنهدت تنهيدة تنم عن تساؤلات يائسة :
- أين يمكن أن يكون ، أخشى أن أذىً قد لحق به ، أو أن ذلك الصداع ساء عليه ، إني أخشى ذلك حقاً.
***
بدأت أشعة الشمس تلملم خيوطها المنسكبة ، و تبرّجت السماء بشفق وردي سار بها حيث يقبع الأفق ، و في حضرة تلك البداعة وجدت بيرلا نفسها أمام منزل متهالك قديم على أطراف البلدة .
طرقة ، اثنتان ، ثلاث ، لا إجابة.
- يا إلهي هل من الممكن أن يكون حقاً هنا ، يا له من غريب أطوار ! عندما سألتقي به سأخبره أنني عشقت أكثر شخص كريه ، بليد ، غريب أطوار و سأخبره أيضاً أن من تعشقه هي أكثر فتاة رعونة وغباء ، فلو لم تكن كذلك لما عشقته .
همست بيرلا ذلك لنفسها و قد ترددت في البقاء أكثر :
- فالي ، فالي ، هل أنت في الداخل ؟.
أدركت بيرلا بعد عدة صيحات أملت من خلالها ظهور فاليريو أنْ -لا حياة لمن تنادي - شعرت بضيق شديد ، أخذت نفساً عميقاً و رفعت وجهها نحو السماء ، كان الشفق قد ازداد تجمُّراً ، والسماء قد استسلمت لمدِّه الثائر .
أما هي فقد استسلمت أيضاً لتلك البداعة الساحرة ، تمتمت : يا له من سحر يبهر العيون !.
واستندت بيرلا مذعنة على باب ذلك المنزل ، لكن الباب انفتح من خلفها و بين هنيهتين كانت هي في وسطهما وجدت نفسها في الداخل .
نفث دخان سيجارته ثم عاد إليها فوجد نفسه قد قضى منها وطراً ، تململ بعينيه الباردتان و مد يده لجيبه يريد علبة سجائره ، استل واحدة ، أشعلها ثم وضع يداه في جيبه وعاد للسير مجدداً ، بضع خطوات ثم توقّف رافعاً رأسه ، و تمتم :
"من هنا سيبدأ كل شيء ".
***
ركضت بيرلا لاهثة مذعورة بعيداً عن ذلك المنزل ، كأنما يطاردها شبح بل كأنها التقت بإبليس ذاته ! الرعب على وجهها الركض الهيستيري جعلها فُرجة لما تبقى من الناس في الشارع.
- إنه .. إنه ..
سيجارة أخرى قد استلب منها ما أراد و ها هو يرميها عقباً غير مبال.
- يجب أن أفهم كل شيء ، يجب عليَّ هذا.
حل الظلام على عجالة من أمره ، فأنهى بفعلته تلك اللوحة الساحرة التي تزينت بها السماء ، الظلام ، النجوم ، صوت البومة التي تخرق الهدوء بين الفينة والأخرى ، لقد عاد الليل الكلاسيكي وعادت بيرلا بعد ماراثون ذعر طويل لتدخل بسرعة إلى المنزل .
- " يُقال : الحياة تعطينا فرصة واحدة فقط ، فرصة نكتشف من خلالها شخصنا ، من نكون ، وماذا سنفعل ، والحال الذي سنكمل عليه ، أليس كذلك "
تسمرت بيرلا مرتعشة في مكانها جاحظة بعيونها :
-ف..فا...لي ، ما ..
-ما الذي جاء بي إلى هنا ؟ ، جئت لأكتشف نفسي ، لأعلم من أكون ، الحياة أعطتني فرصة ..ربما.
كان فاليريو مستلقياً على أريكة و قد حمل سكيناً وضع مقبضها على صدره و مثبتاً إصبعه على رأس نصلها ، شعرت بيرلا وكأنه شخص آخر ، وعاد بها خيالها حيث سقطت داخل ذلك المنزل .
****
- يا إلهي ! هل يقطن فاليريو حقاً هنا بحق ! ، فالي هل أنت هنا ، فااالي ، من حسن حظي أن الضوء لا زال يتسلل إلى الداخل .
تذكرت جيداً كيف نظرت حولها و ما رأته على الجدران ، نداءات ، استغاثات ، طلب حثيث للنجدة ، رسومات سوداوية متوسلة "أنقذوني قبل أن يخرج ".
ذلك الذعر أنساها المخرج فتعثرت لتجد نفسها أمام كومة من البقايا البشرية ، كانت مكومة تحت عبارة :
" لقد خرج .. أنتهى أمركم جميعاً ''.
***
هزّت بيرلا رأسها عدّة مرات ، أرادت أن تستجمع نفسها لتنجو مما هي واقعة فيه ، لكن ذلك الذعر أبى إلّا و أن يفتك بكل رباطة جأشها :
- ف..ا ليريو ، هل تع..لم أين كُنت ؟.
- لقد حزرت ، في منزلي ، أوه يا إلهي لقد اكتشفتِ أمري.
(مختنقة ) :
- لقد ذهبت إليك لأني أُحبك ، أنا أُحبك ، أقسم ل.. اقسم لك.
- بالطبع ستفعلين كذلك ، أي أمٍ ستحب ابنها ، وخاصة بعدما رمته لسنين طويلة ، لماذا تركتني ، لماذا ابتعدتِ عني ، لقد رميت بي كل هذا الوقت
لماذا يا أُمي لماذا !.
صُعقت بيرلا مرة أخرى ، و لعلها صعقة أشد عنفاً من كل ما خاضته حتى اللحظة ، أحنت رأسها ، أمي ! ماذا تقصد الآن بأُمي ؟.
رفعت بصرها مجدداً لترتد بضع خطوات شاهقة شهقة كشهقات الردى ، كان فاليريو قد اتجه نحوها مسلطاً سكينه على حنجرتها ، أهتز السواد في عينيها الحوريتين ، لم يعد كما عهدته ، الشخص العدمي البارد ، بل إنه الآن شيطان مشتعل ثائر.
حاذاها صارخاً :
- لماذا ، لماذا لا تريدين الاعتراف بي ؟ ، حتى الآن ، حتى عقلك يأبى ذلك ، ما الذي فعلته لك ، لماذا جعلتني أعيش كل تلك التعاسة ؟ .
وجدت بيرلا نصل السكين قد لامس عنقها ، خرجت منها كلمات علق نصفها في حنجرتها :
- لكني .. لس..ت ، أ..مك ، فالي .. ما..بك ؟.
رد صارخاً و قد ارتسمت ابتسامة طفيفة على وجهه سرعان ما تحولت لضحكة هيستيرية :
- اصمتي ، كيف تستطيعين فعل ذلك ، كيف يمكنك إنكار أبنك ؟ ليس على لسانك فقط بل و بعقلك أيضاً ، أنتِ مجرمة تستحقين مصير من رأيتهم هناك ، لقد عشت ولا أعلم من أنا ، ما استطيع الوصول إليه من ذاكرتي هو تلك العربة التي رمتني وذهبت ، تركتني وحيداً ، ذلك الجزء المفقود من ذاكرتي لطالما أراد أن يعود ، لطالما حثني لأساعده على التسلق من الأعماق ، أتعلمين ، لقد نجوت ، وجدت بداخلي قدرة غريبة ، قدرة أعطتني سبيلاً للعيش ، في ذلك اليوم تأكدت ، لم يكن الأمر مصادفة أبداً ، أنا استطيع أن استمع إلى ما تفكرون به ، أعلم ماذا يدور في أذهانكم ، وأيضاً لا استطيع نسيان أي شيء ،هذا ما مدّ لي يد العون لأستمر في هذه الحياة ، لم أكن أفضل من أي أحد في كل تلك الأدوار ، لقد كنت اهزمهم لأني اعلم ما يدور في عقولهم ، لكِّن هذا ما رمى بي بعيداً أيضاً ، أتعلمين يا أمي ، كل أولئك الذين في الخارج هم محض حثالة تستحق الموت ، جميعهم ضواري على هيئات بشرية ، و أيضاً في داخلي قد نمى وحش ، وحش أراد التخلص منهم جميعاً ، أراد تنظيف كل تلك القذارة في الخارج ، ستتفقين معي عندما تتجولين في أفكارهم وتستمعين لصوت عقولهم ، لقد حاولت منعه ، صارعته طويلاً ، أصارع الوحش بداخلي و أصارع تلك الذكريات المفقودة ، من أنا ؟.
عندما رأيتك للمرة الأولى ، والذي أصابني يومها ، أدركت أنك جزء من كينونتي الضائعة ، لكن صوت عقلك كان ساذجاً .
عيناك ، أنفك ، وجهك ، صوتك ، لقد كانت متطابقة مع ما استطاع التسلق من ذاكرتي والصعود ، عاد وجهك الذي حملني مبتسماً ، يا له من جنون ، يا له من جنون ، استطيع تذكر نفسي عندما كنت رضيعاً بين يديك ، بضع ذكريات خرجت غير مكتملة ، لكني واثق أنها حقيقية يا أمي حقيقية ، بذات الوقت خرج ذلك الوحش ، إني الآن احمل رسالة تطهير لهذا العالم ، أليس هذا جميلاً أمي ؟ ، أليس هذا جميلاً ، لكن أم لا تريد الاعتراف بابنها لا تستحق سوى الموت ، الموت فقط .
أحست بيرلا برأس السكين يضغط على حنجرتها ، ماذا ستقول ، ماذا ستفعل ، ماذا ستبرر ؟ بل أي شيء قد تبرر ، عن بعثرة طويلة سمعتها دون أن تفهم حرفاً منها ، هيئة فاليريو أمامها و ذلك الشرر في عيناه ، افقدها أي أمل :
- فالي ، لربما إن أكملت هذه السكين طريقها عبر عنقي ، لربما استيقظ من كابوس مزعج ، و لربما استيقظ على صوت طرق الباب ، افتحه ، وإذ بك أنت تبتسم لي ، تهديني باقة من الأزهار ، وتطلب مني الخروج في موعد ، تابع فقط ، أنا لم أفهم شيئاً منك و لكن سأكون بصفك دائماً ، أنا بجانبك فاليريو ، ستبقى روحي بجانبك و إن مت الآن على يدك ، ستبقى كالعاشقة التي أريدها أنا و الأم التي تريدها أنت ، أعدك ..أعدك بذلك .
سال خيط من الدماء على عنقها وسال شلال دموع من عينيها ، وامتزجت تلك الدماء و الدموع أمام وحش بات خارجاً عن أي سيطرة ..
-فاليريو .. استيقظ أرجوك.
***
- نعم ، نعم ، أنا قادم ، قادم ، هذا يكفي .
كان يسير نحو الباب بجسده الهرم الهزيل مستعيناً بعكاز قديم و مع ذلك فإنه لم يستطع ضبط خطواته بشكل جيد ، أطلق سعلة نمّت عن داخل متهالك كخارجه ، ولهثة أظهرت عجلته في أمره ، إذ لم يسبق وأن طُرِق عليه الباب بهذه الطريقة ، بكل الأحول فإن حق الزمن عليه يلزمه بهذه الهيئة التي هو عليها الآن ، فبين الشباب و المشيب كما بين الثرى و الثريا هذا ما أعلنته تلك اللحية البيضاء التي أخفت جزءاً يسيراً من ذلك الوجه المجعّد ببصمات الدهر .
و ها هو أخيراً يتقدّم آخر خطوة قبل أن يفتح الباب نافِثاً الصُعداء :
- لكن ما الذي يحدث بحق الآلهة !.
- مرحباً أيها الجد ، لا بد وأنك قد تذكرتني.
وجد ذلك العجوز نفسه بين لحظة وأخرى قد تلقى دفعة أطاحت به أرضاً :
- أهذا أنت ! ، ما الذي تفعله ، ماذا تريد ؟.
- جئت إليك لأشكرك على معالجتي في ذلك اليوم.
كان ذلك الطّارق فاليريو ، أغلق الباب و تقدم بضع خطوات باتجاه العجوز الملقى على الأرض ، نظر إليه مليّاً ، ابتسم بوجهه ابتسامة شيطانية ، أظهر حربةً عكس نصلها النور الخافت داخل المنزل ، ثم انحنى إليه و قد تبدلت ملامح وجهه إلى الغضب ممسكاً إيّاه من مجمع ملابسه ثم خاطبه بنبرة ملئت سوداوية مقيتة :
- هل هي صدفة أم ترتيب القدر أيها العجوز ؟ أتذكر تلك الأغنية التي كنت تتمتم بها في ذلك اليوم ، عن تلك السماء الصافية و ذلك البدر ، وعن نفسك المنتصر ، لسوء حظك لا يمكنني نسيان أي شيء ، لم أنسَ وجهاً قابلته حتى الآن ، ولا أي تفصيل قلّ أو كثر ، بفضل تمتمتك تلك في ذلك اليوم استطاع جزء آخر من ذاكرتي المفقودة بالعودة ، لقد كنت تتمتم بها طيلة ذلك الطريق أتذكر !، بإمكان الزمن أن يغير ملامحك ، لكن ليس بمقدوره أن يمسح علامة من على جسدك .
كانت كلمات فاليريو تدخل مسامع العجوز تحته و كل كلمة تترك أثراً أكبر من التي سبقتها على ملامح وجهه .
تابع فاليريو بنبرة ازدادت ظلاماً و حُلكاً :
- على مدار حياتي الفارغة ، كنت استمع لما تتفوه به العقول ، الجميع دون استثناء ، أو هذا ما ظننت ، لأنك كنت الاستثناء الوحيد ، الاستثناء الذي جعلني افكر مرة ثم أخرى ، لقد كنتُ مستلقياً على ذلك السرير عندما تقدمتَ إليّ ، و رأيتُ تلك العلامة على كفِ يدك ، نعم لقد تذكّرت ، ذلك اليوم ، ذلك الكف ، تلك التمتمة ، أنت موجود في ذاكرتي ، أيها العجوز ، أخبرني من أنا ؟ لأني على عجالة من أمري ، فالآن لدي رسالة تطهير لهذه الحياة ، أولئك الحثالة في الخارج يجب أن يموتوا جميعاً ، كما سيحصل بك إن لم تتكلم .
أرخى الجد جسده و أدار وجهه ثم أتبع ذلك بقهقهة مقتضبة :
- يا للقدر ! ، لكنها مجرد أسطورة ليس إلا ..
" ذلك النور ، قد جاء إلي ..
عانقته بغبطة ..
وسرعان ما أندثر
الظلام قد حل ، الليل أكفهر ..
كل شيء غاضب ، لقد سقطت في الشر ، هناك وحش ، قادم إليّ ، مسرع نحوي ، كيف أفلت ؟ ... لا لا مفر .
إنها تتمة الأغنية ، لم أعتقد لوهلة أنها نبوءة ستتحقق ، و أنها ستتحقق عليّ أنا ، لقد خسرت كل شيء بسببك ، عندما ظننت أن القدر قد رضي عني ، وها أنا الآن لا زلت أخسر .
والدك كان مجرد بائع حلوى ، يصدح بأعلى صوته ، و ينادي بُحّة دون أن يجاب ، تقدمت إليه ، وهمست له ما رأيك أن تصبح ثريّاً ؟ ، اعتَقدَ أني أسخر منه ، لكنه وافق على الفور حين عرضت عليه ذلك العرض .
- روح الجبل ستحقق لك ما تشاء ، مقابل أن تقدِّم لها.
- و ماذا سأقدم ؟.
- سعادتك ، ستقدم كل روح تحبها ، بمجرد أن تمتلك مولوداً ، ستأتي به إليّ و سآخذه كقربان لتلك الروح ، لن تفقد طفلك فقط ، بل ستفقد زوجتك عند أول ولادة لها ، و ستستمر بالعيش على هذا المنوال حتى تموت .
آنذاك وقف والدك على ذلك العقد المحرم بين روح الجبل و بينه ، أما أنا فلم أكن سوى وسيط ، منذ زمن غابر قام أحد النسّاك بحبس تلك الروح في كهف ، لكن الروح لتضمن بقائها كانت تتغذى على أرواح البشر ، و لأنها كانت حبيسة الكهف ، فقد استطاعت أن تعين وسطاء لها ، و من هنا وُلد العقد الذي أبرمه الكثير قبل والدك ، لكن الثعلب الأبيض -والدك- الذي أصبح أغنى أغنياء المدينة ، لم يكن يعلم بأنه لا ينجب ، كنت أتردد إليه باستمرار ، و في ذات يوم أخبرني أن زوجته حامل ، لقد كان غاية في السعادة ، كيف لا وهو يعلم أن عدم وفاءه لشروط العقد ستجعله يخسر كل شيء ، لكن بعد ولادتك بفترة مات هو و والدتك .
صرخ فاليريو مقاطعاً :
- كذب ، كذب ، أمي تخلت عني ، لقد عالجتني في منزلها أيها الدّجال .
رد الجد ساخراً :
من تقصد بيرلا ؟ ، يا إلهي كيف لم ألحظ هذا ؟ إن الشبه بينها وبين والدتك قد يصل إلى حد التطابق ، أنت لعنة حقيقية ، مذهل أن ترى شخصاً بذاكرتك ، ذاكرة تتمسك بأيام الرضاعة ، حقاً مذهل ، بكل الأحوال كان لزاماً عليّ إيصال القربان للروح ، لكن و بسبب ثراء والدك فقد وضعت تحت رعاية الحكومة حتى تستطيع إكمال مسيرة الثعلب الأبيض ،و بمعجزة استطعت اختطافك ، أردت أخذك حيث كهف القربان ، مسكن تلك الروح ، لا بد أنك تذكرت هذا الجزء ، مضيت بك بعيداً و لكن بعد أن وجدت نفسي ملاحقاً وأصبح الوضع خطراً علي رميتك ، لا زال صوت ارتطام رأسك في أذني حتى الآن ، ربما لهذا فقدت جزءاً من ذاكرتك ، بعد فشلي تخلت عني الروح ، خسرت كل امتيازاتي التي كانت لدي عندما عملت لخدمتها ، و عوقبت بفقدان البصر من إحدى عيناي ، قررت بعدها أن أعيش نادماً على ما اقترفت ، لكن يبدو أن للقدر قرار آخر.
غارت عينا فاليريو وانتبجت عروق وجهه ، انتفض الوحش بداخله ، صرخ صرخة مدوية جعلت قلب العجوز يدقُّ رعباً بعد ذلك الاسترخاء الذي تمسّك به :
-أنت شيطان ، شيطان يجب أن يموت .
-أعلم أنك لن تكتفي بقتلي ، ستفتك بالجميع ، ستتحول إلى عاصفة يعصف بريحه حياة كل من تقابله ، للجميع جانب أسود في عقله ، طالما أنك تستطيع قراءة هذا الجانب ، فلن ترحم أحد ، لقد ارتكبتُ الكثير من الأخطاء في حياتي ، يجب أن أكفّر عنها بحماية الجميع منك .
بلمح البصر أخرج العجوز سكيناً كان قد أخفاها تحت ثوبه و باغت فاليرو بطعنة أخترقت صدره .
تسارعت أنفاس فاليريو عندما رأى دماءه تقطر على ثوب الجد ، برهة ثم استجمع بها نفسه ليدق بعدها عنق العجوز تحته.
ترجّل متألماً مرتجفاً :
- لن أموت ، أنا لن أموت أبداً.
نطق بهذه الكلمات متحشرجاً سائراً بتثاقل .
- أمي ، أمي تعالي ، تعالي ساعديني ، يجب أن نعيش سوية في عالم نقي.
بدأ البرد يتسلل لجسد فاليريو الذي كان ينزف و كل خطوة كان يخطوها كانت أثقل من التي سبقتها .
جرّ جسده المطعون بين أنين و شهقة جرّه لمسافة طويلة صعوداً .
لكنه في النهاية سقط أرضاً ، نظر إلى يديه و قد تخضبت بالدماء ، نزع السكين من صدره .
-أيتها الروح ، سأقضِ عليك ِ.
قالها بتحشرج بالغ ، و رويداً رويداً خمد كجذوة أنتهى ثورانها حتى بات عاجزاً عن تحريك جسده .
..الآن ، أنا أتذكر ، أتذكر كل ما جرى في تلك الليلة
- مارديك ، يبدو أنك غير سعيد ، ما الذي جرى ؟.
- لا شيء.
-ألق نظرة عليه ، ستحبه ، ما بك تنظر إليّ هكذا ؟.
- إن لم يحدث ذلك الأمر ، سأُحدثه أنا بنفسي .
- ما الذي تقصده ؟.
- كان من المفترض أن تموتِ مارية ، لماذا لم تموتي ، لماذا ، لماذا ؟.
لا يهم ، سأسوي هذا الأمر ، لن أخسر كل شيء بعدما وصلت إلى هنا ، يجب عليّ إتمام شرط العقد.
- مارديك ما الذي تتفوه به ؟ أخفض هذا المسدس ، هل جُننت ؟.
- فات الأوان مارية .
- إذن .. لا مناص من الموت ، من حقك أن تصاب بالجنون مارديك ، ليس فقط للسبب الذي يدفعك الأن لقتلي و الذي لا أعرفه ، بل لأني لم أحبك يوماً ، كرهتك و كرهت والدي الذي انصاع لك ، لم أفهم كيف أذعن لحثالة مثلك ؟ دمرتم حياتي ، عشقته ، نعم عشقته ، كان يحب القهوة الحلوة ، و كنت أعشق ما يعشقه ، ذلك الطعم الذي حرمت نفسي و حرمتك منه لأنه مفتاح ذكرياتي السعيدة معه ، و في ذلك اليوم التقيت به صدفة بعد زمن طويل جداً ، لقد وجدت بداخلي الحب ذاته ، بل ربما أكثر ، و لأختصر عليك ، الطفل بجانبك ليس من صلبك ، هذا هو العدل الذي لطالما حدثتك عنه ، أقتلني الآن فقد أخذت انتقامي منك .
لقد قتل والدي والدتي ، ثم أفرغ رصاصة في رأسه ، علم أنه سيخسر كل شيء ، ستسلب الروح كل ما قدمته له ، لأنه عقيم ، ليت ذاكرتي كانت عقيمة أيضاً.
خارت قوى فاليريو و قد تحولت دماءه لبركة توسطها :
- أمي ، س..س..اعد..يني.
مضت تلك الليلة وأنبلج الفجر ، لقد كان بملامحه الهادئة ، لافظاً أنفاسه الأخيرة على عتبة كهف القربان .
النهاية .........
ملاحظة :
النظام اللندني : هو افتتاحية شهيرة في لعبة الشطرنج وتتميز بصلابتها وجعل الوضع على الرقعة وضعا استراتيجياً صعبا للغاية .
تاريخ النشر: 2021-06-07
للمزيد من مقالات الكاتب : جمال
التعليقات (55)
سوسو علي - مديرة الموقع - :
القصة مثيرة وأحداثها مشوقة فقط عيبها التعقيد وشعرت ببعض التشويش والتوهان وأعدت القراءة أكثر من مرة .. لكن بالمجمل القصة جميلة وأسلوبك جميل حقا ، أستمر ?
جمال_الكاتب:
بصراحة هدفي من الاساس ادخال القارئ في هذا التوهان لاستثير حاسة الفضول لديه وهذا ما سيجعله بعيدا عن مرمى الملل
كل الشكر لك ولمرورك الجميل
شرف لي وجودك وتعليقك
خالص مودّتي
rm,bts??:
انها رائعة حتما سلمت يداك على هذه التحفة . . . ☕
جمال_الكاتب:
تحياتي و مودتي ?
ملاك:
قصة رائعة احسنت اخي
اتمنى لك كل التوفيق
تحياتي?
جمال_الكاتب:
كل الشكر
تحياتي ومودتي
وكنت أتسائل هل انتِ ملاك التي كان لها لقب سابق (ابنة الامازيغ) ؟
ملاك:
لا في الحقيقة لست هي اخي
اندرو:
قصه رائعه استمر اخي
وفقك الله
جمال_الكاتب:
تحياتي الحارة
مع بالغ المودة ?
عاشقة القدس .... . ??:
قصة جميلة و أسلوب رائع
لكن شعرت أني تائهة قليلا
ولو ذلك لا يغطي علي جمال الأسلوب
استمر
تحياتي ??
جمال_الكاتب:
شعورك بالتيه يجعلني احتفل بالانتصار ، بصراحة اكثر كان هذا مقصد لي مذ كتبت الحروف الاولى من هذه القصة ، اردت من هذا الشعور استثارة حاسة الفضول لدى المتلقي
ليكون بعيدا عن فخاخ الملل
كل الشكر مع خالص المودة ?
عاشقة القدس ..... . ??:
اوه تصفيق حار جعلت الكل تائه ? ،،
بالتوفيق ?
زائر من المستقبل:
يا عزيزي أنت تمتلك كل أدوات الكتابة التي تجعل منك روائي من الطراز الأول فقط تحاشا الخوض بتطرف في غمار الضبابية لمحتوى نصك ..
مفردة (نخبوي) لاتفي بالغرض لوصف هذه الهلامية التي أفقدت الرواية الكثير من الجماليات المطرزة بشكل بديع في ثنايا روايتك وبخاصة شطره الثاني.
الغموض والرمزية المعقدة تلفان جوانب الرواية وتجعلان منها كشمس باهتة اغتالت بريقها غيومٌ سوداء في يوم عاصف.
جمال الرواية وقيمتها الأدبية ليست فقط بالتمترس خلف صياغة تراكيب فنية وصور بلاغية وأخيلة وتلاعب في الألفاظ وعمق في الوصف بل في كيفية تسخير كل تلك الجماليات وصهرها مع محتوى القصة بأسلوب شيق وسهل وبسيط يجعل القارئ يحلق في سماء الدهشة وملكوت الإبداع مع كل جزئية من الرواية، وأنا أجزم بأن كاتباً محترفاً مثلك قادر على فعل ذلك.
..
تحياتي القلبية ?
جمال_الكاتب:
تحياتي لك عزيزي ولشد ما سرّني وجودك في الجزء الثاني من هذا العمل المتواضع .
بالتفكّر و المراجعة لربما هذا التفصيل بالوصف الذي اسميته حضرتك
"تكلفاً"
كان ينبغي ان تكون الرواية
-ان صح التعبير -
اطول قليلا ربما لتستوعب هذا الحجم من التفصيل ، اما بهذا الحجم فكانت اشبه بوعاء امتلاء وقد زيد عليه
بكل الاحوال شرّفني حضورك وملاحظتك وإن شاء الله لنا اعمال اخرى سأكون ممتنا بتواجدك فيها جميعها ??
بالغ المودة ?
زائر من المستقبل:
أتعرف شيئاً : سعة صدرك وروحك الجميلة وهذا التعاطي الإيجابي مع النقد يجعل المرء يرفع لك القبعة إحتراماً وتقديرا.
كلي ثقة بأن كاتب مبدع مثلك سيكون له شأن في قادم الأيام فاجعل من السماء سقفاً لطموحاتك ولتكن العزيمة زادك والإصرار سلاحك وموهبتك الفذة هي جوادك الذي لن يخذلك في أن تحتل رقماً صعباً وتصبح علامة فارقة بين رواد الأدب وعمالقته.
مع خالص المحبة ?
استيل:
يا عزيزي انا اوافقك الرأي في هذا الجزء .
التشويق لم يكن له أي أثر ،وايضا وجدت صعوبه في فهم ما يجري من احداث.. تماماً مثل ما أشعر عندما أقرأ لأحلام مستغانمي،،لا أشعر بالإثارة،ولا التشويق ..ثم اتوقف ولا اكمل..ولا ادري لماذا هي مشهوره!!!
اعجبت جدا بهذا الوصف" كشمس باهتة اغتالت بريقها غيومٌ سوداء في يوم عاصف"
يبدو انك مبدع في الوصف.
هل يمكنك أن تجرب وتكتب قصه قصيره وتنشرها هنا..
تحياتي لك
زائر من المستقبل:
العزيزة استيل..
سعيدٌ لرؤية تعقيبك على تعليقي وللمرة الثانية عبر نفس العمل، هناك اختلاف وهنا اتفاق وكلاهما لا يفسدان لتألق الكاتب وإبداعه أي قضية، بالعكس فهذا حافز جيد لجعله يتدارك بعض الثغرات ويتلافى أوجه القصور في أعماله القادمة..
عزيزتي.. لا تقسو على مستغانمي، نعم لديها خواطر تتسم بالرمزية الفجة وغير المستساغة لكن مع ذلك لديها الكثير من الشذرات التي تستحق أن تُكتب بماء الذهب..
بخصوص سؤالك عن إمكانية كتابة قصة قصيرة ونشرها هنا .. أولاً أنا ممتن لإطرائك الجميل ولست سوى تلميذ صغير يتعلم منك ومن بقية الرفاق أدب الكتابة وفن صياغة الجمل والمفردات..
لدي بعض الأعمال القصصية المتواضعة ورواية واحدة ومجموعة من القصائد الشعرية المتناثرة تم نشر البعض منها في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية ومنها جريدة الثورة اليمنية الملحق الثقافي ولدي مشاركة قصصية واحدة في إذاعة بي بي سي تحت عنوان (نظرات).
في السنوات الست الأخيرة أصبت باكتئابات حادة أجبرتني على التوقف عن كتابة القصص، فاتجهت لكتابة الخواطر الحياتية وشيء من المقالات السياسية اللاذعة عبر صفحتي على الفيس.
إن شاء الله تعالى سأحاول في قادم الأيام كتابة عمل قصصي جديد يليق بموقوع كابوس وعائلته الجميلة.
..
كل الشكر وخالص المودة ??
استيل:
نعم أنا معك ،في النهاية الكاتب هو الذي يستفيد من رأينا ونصائحنا
ههههه بالنسبة لمستغانمي ربما كلامك صحيح، ولكني لا اميل لكتاباتها.
اوه بالنسبة لك.. فاجأتني ،اذا فأنت لديك من كتاباتك التي قد نشرتها...يبدو انك افظل من غيرك..
منتظرة القصة التي ستكتبها مستقبلا ولو بعد سنوات
ويا عزيزي انا مثلك تقريبا فالسنوات الاخيره كرهت الكتابة ورأيت أنه لا فائدة من الكتابة في دولة تنهشها الحروب ..
ولكن الآن والحمدلله عدت لهوايتي ،صحيح لست عبقرية في الكتابة ولكنني احب ان اكتب
ربما انشر قصه في الموقع كانت لدي من بضع سنوات....إذا وجدت الوقت الكافي سأنقلها من الورق إلى الهاتف وانشرها...
أيضا تفاجأت ،انك من اليمن ..يسعدني ان أعثر على يمنيين في الموقع
وتحياتي
زائر من المستقبل:
بالعكس يقال أن الإبداع يولد من رحم المعاناة، وقد تصبح الأوضاع المأساوية والمزرية هي البُراق الذي يَعرُج بصاحبه نحو النجوم..
......
عزيزتي.. لا تتوقفي عن الكتابة.. فليس شرطاً أن تكون عبقرياً لتكتب.. الهواية أولاً ثم البقية تأتي.. بسعة الاطلاع والاستفادة من تجارب وكتابات الآخرين، ومحاولة الإلمام بقواعد اللغة وجماليات البلاغة، واستيعاب وفهم مكونات وعناصر القصة، ثم شيء من الصبر وعدم الاستسلام لليأس ومع الوقت تنمو تلك الهواية ويغدو الحلم واقعاً ملموس.
أيوه يمني من صنعاء العاصمة.. تشرفت بوجودك بنت بلادي وبانتظار قصتك واتمنى لك كل التوفيق ?
تحياتي.
استيل:
ياه كلامك جميل
على العموم انا بدأت اعود للكتابة ولكن ليس بذلك النشاط كلماضي ...ولكن افظل من اول
وتحياتي لك
samer:
الصياغة والاسلوب رائع صديقي والقصة جميلة للغاية و انتقالك بين الاحداث وربطها جميعها في النهاية مدهش لكن اظن انه مضيع ويترك القارئ في حيرة ويتطلب القراءة من البداية
تقبل فكري اخي العزيز
(بالطبع الانتقاد سهل?)
اتمنى لك التوفيق والنجاح من كل قلبي
استمر في انتظار المزيد ...
جمال_الكاتب:
الصديق العزيز الغالي على قلبي
شكرا شكرا شكرا جزيلا لك ?
وخالص المودة التي تعلم كم هي ضخمة وهائلة اوصلها لك ?
عبدالله المغيصيب:
السلام عليكم مساء الخير على الجميع
وتحية كريمة إلى الكاتب ومبروك العمل الجديد والنشر في الموقع الرائع
في البداية أخي الكريم لا أدري إذا كنت حضرتك الاخ جمال الصديق العزيز الذي كان لي شرف التعرف عليه في قسم المقهى في بدايات مشاركات في الموقع الرائع ومع أولائك الأخوة والأخوات الأحبة في تلك الأيام الخوالى التي لا تنسى
إذا كنت حضرتك أخي الصغير الغالي جمال فالف تحيه وتحيه وبشرنا عنك وعن الأهل والدراسةومشوارك أخي في هذه الحياة
واذا كان مجرد تشابه في الاسم والبلد فكل المعزة والتحية لك يا أخي الكريم الكاتب ومايذكرك بالكرام الا الكرام
بالعودة إلى العمل الجميل والمتعوب عليه كما يبدو ابتكارا وصياغه
حسنا هو حسب وجهة نظري يستحق تلك الجملة الشهيرة
أخي الكريم أنا وبكل تواضع اكسر القلم أمام هذا العمل المشوق وعسى انه يكون مقدمة وفاتحة خير لأعمال أكثر ابداع وابهار
وبالتأكيد ذلك لعدة إعتبارات منها
أولا انه الكاتب اختار حبكه السرد المتقطع
وهي من أصعب انواع السرد حتى على الكتاب المحترفين فما بال الهواه
وهذا النوع من السرد يعني أنه هنالك مجموعة من الشخصيات والأحداث متفرقة تبدو لنا في البداية لا يربطها أي رابط
حتى ينتهي الأمر بجمعها وفق خيط درامي واحد
وهنا قد أجاد الكاتب فعلا برسم عدت لوحات مشهذيه مبعثره في البداية ومالبث ان دمجها فيما يشبه المشهديه الموحده والمترابطه والمتكامله و الذي يفسر كل حدث منها الآخر حتىالنهايه
كذلك من ضمن الاعتبارات
تعامل الكاتب مع عدة خطوط وخيوط حدثيه وانسانيه وزمكانيه ودراميه ومع هذا لم تتشابك بعضها مع بعض ولم تفلت منه العناصر
يتبع
جمال_الكاتب:
الاخ الغالي العزيز عبدالله
انا هو بشحمه ولحمه ?
بعد زمان صحيح ..
الحمد لله الامور بخير وبتنا قاب قوسين او ادنى من التخرج والحمد لله
ويشهد الله لشد ما اسعدني وجودك بغض النظر عن اي تعليق مهما كان ايجابي او سلبي ، فمعزتك بالقلب كبيرة جدا جدا جدا
اما بعد ما اطلعت على الجزء الاول من التعليق .. اخبرك وبالعامية
احسست فعلا اني حققت التقدم اللي كنت عم اسعى الو ، وهالشي فيه فضل كبير لالك من خلال توجيهاتك بأعمالي السابقة ، كتبتها وحرصت على تلافي الثغرات و الاستدامة على الحسنات ، بالمختصر الك فضل كبير بهالتقدم و سعدت بأيما سعادة بتعليقك هاد ?
عبدالله المغيصيب:
الجزء الثاني من التعليق
اذن كما قلنا ومازلنا مع تلك الاعتبارات التي أعطت العمل هذه الإشادة المستحقه
انه الكاتب التعامل مع عدة خطوط وخيوط فنيه وعناصريه ودراميه ومع هذا بقية الأحداث تحت السيطرة والمحافظه على الإثارة والتشويق و الأهم التماسك القولبي
راينا بين جنبات العمل الحالة الاجتماعية والعاطفيه و العائلية والجنائيه والدمويه وشي من الاكشنيه وغيرها من الحالات إضافة إلى الأرجوحة الزمكانيه
اي تلك القفزات التي يجيد فيها الكاتب التلاعب بالمكان والتوقيت عندها يفقد القارئ خاصية ربط المشاهد في مكان أو زمان معين لانه تاه في الاحداث وحلزونيتها
حتى تعود وتاخذ المسار الذي يربطها بعضها في بعض
وهنا قد يقول القارئ ما هذا أجبرني الكاتب على العودة و إعادة القراءة أكثر من مرة هنا في حالة السرد امتقطع ذو الخطوط المتصارعه المتشابكه
هذه فيها دلالة على براعة الكاتب و انه أجاد وبكل إتقان لعبه السرد تلك منجها و أنه من ناحية أخرى كان قادر على كشف أوراقه الدرامية وتجريعها للقارئ جرعه بعد أخرى دون أن يستطيع القارئ كشفها من البداية بل هاهو يتتبعها خطوه خطوه وهاهو يجاهد لاستعابها
كما أنها دلالة على استمتاع القارئ بما يدور من أحداث وإلا ما كان يعيد ويزيد حتى يرضي شغفه هنا
أخيرا في تلك الاعتبارات وهي عديدة ولكن لي ضرورة الاختصار والتركيز على الأبرز منها
هو صون الكاتب على لعبة الغموض مع القارئ حتى الخواتيم بل وترك بعضها إلى ما بعد تلك الخواتيم ولكن بعد مااجابت الاحداث علىمعظم تساؤلات القارئ
وما تبقى هوليزيد تعلقه بكواليسها ودقائقها لتستمر حاله التشويق معه والانغماس
وهي أيضا شطاره ممتازة من الكاتب
يتبع
جمال_الكاتب:
كل التحايا ?
عبدالله المغيصيب:
الجزء الثالث من أ
اذن نحن أمام عمل ممتع ومتقن من جهه وموهبه كاتب متمكن وبارع من جهه اخرى
إنما كما نقول دائما مهما بلغت الشطار و الموهبة والإتقان لابد وأن نسقلها بالمزيد والمزيد من الأعداد والتطوير والقراءة والتثقيف لنواكب ما وصل له غيرنا ولا نبدأ من المكان الذي تجاوزوه بمراحل
طيب بعض الملاحظات التي تستحق الإشارة لها حسب وجهة نظري المتواضعة
أولا بخصوص ما يسمى ممرات الربط
وهنا المقصود يعني بكل بساطة الاحداث والتفاصيل التي ربطت مابين الخطوط الدرامية ال متباينة اي المتباعده
طيب هنا لاحظنا تلك التفاصيل أو الأحداث أو كما قلنا تلك الممرات الدراميه الربطيه لا نقول أنها كانت ضعيفة وإنما كانت تحتاج إلى مزيد من التقوية والتمتين والتمكين اكثر لتكون مقنعه اكثر
يعني على سبيل المثال
يعني من ناحية المبدأ صحيح انه من الرائع جدا تظهير شخوص لها تلك الحيوات المتناقضه فمن جوانب في شخصيتها جدا إنسانية وحانيه اومشتته حتى إلى جوانب أخرى جدا قاسيه وظلاميه
بالإضافة إلى اللغة الأدبية في الوصف والتصوير و المؤثرات التي كانت جدا بليغه وانسيابيه كما في وصف مشهد الاعتداء على بيرلا او العجوز والشاب فلوري
كل هذا جيد إلا أنه
اغراق القارئ ومع مجرد قصة قصيرة في دهاليز وممرات غارقه في المنعرجات السوداويه والضبابيه والنفسيه وغيرها
كممر الطفل الرضيع الذي يتذكر كل شيء مهما كان
كذلك حكاية الكهف والأرواح والقربان والعقود الشيطانية
اضافه الى الجريمة العاطفية وحمل السفاح
واسماء مثل الثعلب الأبيض روح الجبل كافي القرابين
منعطف مثل الأرواح التي تختزل الأرواح وإلا ما هنالك
وغيرها العديد والعديد من هذه النماذج
يتبع
جمال_الكاتب:
كانت من المفترض ان تكون اطول لكن الموقع هنا لا ينشر روايات بفصول طويلة لذا قدمتها على امل جعلها وجبة دسمة ، اقصد تلك الوجبة التي تكون كميتها صغيرة وقيمتها الغذائية كبيرة ?
عبدالله المغيصيب:
الجزء الرابع والأخير من التعليق
اذن كما قلنا تلك النماذج الغارقة في الرموز والمنعرجات الضبابيه
شيء من هنا ولا شي من هناك كانا من شانها اغراق القارئ في متاهات حسب وجهة نظري المتواضعة لا طائل منها ولا ضرورة
كان من الأفضل والأيسر والمستحسن اخذ هذه التفاصيل الكثيرة إلى عمله مطول اكثر اما ما يكون في قصة قصيرة يفضل أن لا يكون بكل هذا التضخيم والتعقيد
نحن أمام قصة من الاصل اسلوب السرد فيها مبني على عنصر الغموض
فمامن داعي لجعل الوصول من نقطة الغموض إلى فسحه الانجلاء والتكشف
تكون عبر هذه الروابط و الممرات المشتته لتركيزالقارى
ملاحظة أخرى بخصوص فلسفة العمل
إذا ما أخرجني عنصر الغموض والإثارة ولعبة تركيب المشاهد فإننا لا نجد هنالك فلسفة واضحة لهذا العمل
لا نستطيع استخلاص مضمون ما أراد قوله الكاتب عبر قصته
هنالك البحث عن المزيد والمزيد من الغموض حتى آخر رمق دون هدف معين تقريبا
صحيح انه الكاتب غير ملزم في هذا ولكن من ناحية أخرى لا يفضل أن يكون العمل عبثي المضامين
أخيرا كثرة المصادفات المحوريه مثل تشابه بيرلا مع ام فلوري والتي بنفس المصاذفةتعيش مع ذاك الجد والذي هوفينفس الوقت يحمل ذاك الماضي مع فلوري
وغيرها من الصدف المحوريه هذه باتت تنتمي إلى مدرسة فنية قديمة شوي من الأفضل تجديدها
أخيرا تساؤل لماذا عندما تذكر العجوز التشابه ما بين بيرلا وام فلوري وهويراه علىتلك الوضعيةالمتوحشةلماذالم يتساءل عن مصيرهاوهل عمل لهامكروه
وبخصوص تلك القصيدةفكرتهاجميلةذكرتني في القصيدةفي روايةجزيرةالجنودلاجاثه ودورهافي الاحداث
كان ممرجيدلكن
تشتت مع تلك التعرجات التي حكيناعنها
شكراوبالتوفيق في القاد يارب
جمال_الكاتب:
العبرة مما كتبت يسكن في العنوان
القدر سيعبر سيعبر مهما حدث
فبائع الحلوى قدره ان يكون بائع حلوى ومهما فعل سيخسر في النهاية
قدر فاليريو ان يكون قرباناً و لقد مات امام الكهف التي تقدّم أمامه القرابين
فبالنهاية كان قربانا
الخلاصة هو ان القدر سيمضي مهما فعلنا
شموخ ملكه:
لم أتوقع هذه النهاية الحزينه
قصة رائعة جداً
وفقك الله
جمال_الكاتب:
تحياتي وخالص شكري ومودتي لك
?
abh-krm:
مشكوووررر...نهاية رائعة وغير متوقعة
تحياتي.
جمال_الكاتب:
خالص الامتنان و الشكر ?
sonkol:
بإختصار : مذهلة لأبعد الحدود
ما قرأت هنا هو إحدى اكثر الاشياء المميزة التي قرأتها
سأكتفي بهذا لانه مهما كتبت لن افي حق هذه التحفة المتقنة
شكرا لك أيها الكاتب جمال الذي لن افوت فرصة قراءة جديدك
وبانتظار ماهو قادم
جمال_الكاتب:
تحياتي وتقديري ، اخجلني كل هذا الثناء ، ان شاء الله يكون في المستقبل القريب اعمال اكون فيها عند حسن ظنكم
مودتي ?
مايا:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متل ما قلت في الجزء الأول قصة جميلة جدا لاكن معقدة وصعبت الفهم انا اليوم قرات الجزء الأول مرة ثالثة لي أستطيع ان اربط أحداث معى بعضها فعلاً اسكورة جميلة
اشكرك من كل قلبي واتمنى ان تستمر في الكتابة لانك كاتب ممتاز فعلاً وبلا منازع تحياتي واحترام لك اخي العزيز
جمال_الكاتب:
اسعدني مرورك عزيزتي مايا
ربما تحتاجين قرائتها في وقت تكونين به بمزاج جيد ولن تكون معقدة
مودتي ??
عبدالله المغيصيب:
الاخ العزيز والغالي جمال
هههه تمام يا غالي كنت متأكد 90 في المية انه حضرتك جمال الصديق العزيز صاحب الأيام التي لا تنسى ومع باقي الأخوة والأخوات هناك في المقهى
للامام إن شاء الله ونبارك لك بتخرج قريبا
لا لا يا عزيزي مهما كان هنالك مساعدة أو توجيهات او تعليقات في النهاية الموهوب راح تبرز وتغيم موهبته وتمطرمن ابداعاته الغزير المهم الاستمرار والسقل والتنقيح مره بعد مره
أما بالنسبة إلى خلاصه فلسفة العمل
لا ادري أخي الكريم لم اللمس مساله القدر غير في تلك القصيدة والتي حسب وجهة نظري كانت تحاكي كما ذكرت الفكرة والقصيدة الموجودة في جزيرة الجنود لاجاثه كرستي
لم الحظ غيراننا امام خيارات وصراعات بشريه وليس احوال قدريه لاقبل لهم بها
طبعا مع التسليم و أنه كل شيء بعلم وقدر رب العالمين مهما كان وسيكون
إنما هنا نتكلم من خلال مجريات العمل واحداثه
ربما أخي الكريم أحببت من باب المزيد من الإثارة جعلت لتلك القصيدة وابياتها وتفسيرهالتلك الصراعات وتحت مظله القدر المحتوم
لكن حسب وجهة نظري المتواضعة كانت من ضمن أبواب الغموض وليست رسالة فلسفية أراد إيصالها العمل
إنما أخي جمال الغالي العزيز بالتأكيد احترم وجهة نظرك وليس المهم التوقف هنا المهم نحن أمام عمل رائع متمكن وبإذن الله فاتحه خير على أعمال قادمة ناجحة و أكثر إن شاء الله
موفق يا عزيزي وإلى الأمام تحياتي لك والاهل شكرا
جمال_الكاتب:
حيّاك الله الاخ العزيز الغالي
كل الشكر و المودة و الحب ?
استيل:
اختفيت عن الموقع أيام بسبب ظروف..ولما عدت فرحت أن الجزء الثاني انتشر..
متحمسه اقرأ ..
ولي عودة في التعليق عليها
استيل:
لا اعرف ما اقول..
هل كتبت الجزء الأول ثم توقفت لسنوات ،واتيت لتكتب الجزء الثاني الان...انا لا افهم ،لماذا الجزأين مختلفين... الجزء الأول كان غايه في الابداع،لكن الجزء الثاني ، ماهذا ،لم افهم شيء ،كل شيء ملخبط..حقا انا لست مستوعبه أنني لم استطع فهم الكثير ،ماذا جرى للفتاه بيرلا، وايضا، مات البطل!!!
خاب املي كثيرا،انا متأسفه لهذا.،.انتظرت هذا الجزء بكل شوق...
أشعر أن تعليقي هذا سلبي جدا..
لكنك تبقى كاتب رائع فالجزء الأول من القدر كان حقا حقا رائع، وانا منتظرة قصه جديده من ابداعك...ولو امكن اجعلها سهلة الفهم لو امكن،
هل تصدق أنني مازلت متحمسه لقراءة قصه جديده من طرفك...فالجزأ الأول قد أثر بي من حيث الأسلوب...كان راااائعاً...
تحياتي
جمال_الكاتب:
تحياتي عزيزتي
لربما كان يجب عليكِ إعادة قراءة الجزء الاول مرة أخرى ومن ثم قراءة الجزء الثاني ، كان الامر ليكون افضل بسبب الفترة بين القرائتين
على وجه العموم مجريات الأحداث لم تستمر بالحالة الرومانسية ابداً
وأظن أن الجزء الثاني افضل تتمة للأول
منذ نشر هذه القصة تركت ملاحظة للإدارة ان تنشر بدون تجزيئ لكن كان لهم رأي آخر واحترمته ببساطة
عموما اسعدني مرورك وان شاء الله لي عمل قريب اخر بإذنه تعالى
بالغ مودتي ?
استيل:
منتظرة جديدك فأنت تستحق الإنتظار
اياد العطار:
تحياتي لك اخي العزيز جمال .. قصة جميلة وحبكة مبدعة مع اني ابتسمت قليلا عندما انتهيت من القراءة متذكرا طرفة قديمة حول فيلم يموت جميع ابطاله حتى المخرج! .. وقصتك في الواقع عبارة عن مقبرة لكل ابطالها .. كنت اتمنى لو ابقيت على واحد منهم على الاقل ، لكن هذه قصتك وهذا قرارك ..
اعجبني الاسلوب كثيرا .. بطريقة الفلاش باك والمناظر السريعة المتنقلة كالومضات من حدث الى اخر .. لبرهة ظننتها قصة واقعية عن سفاح ما .. واظنها كانت ستكون افضل لو سارت على خطى الواقعية اي عن طفل فقد والديه في جريمة قتل وتربى وحيدا في ميتم بائس واصبحت لديه حالة نفسية الخ الخ .. واتت بيرلا الملاك لتنقذه .. لكنك آثرت الخيال وجنحت الى روح الجبل وعقد الشيطان لتفسر لنا الامور .. وهذا ايضا قرارك فبالنهاية هي قصة قصيرة في موقع للرعب ..
عموما باستثناء ملاحظاتي على الحبكة فاعود واكرر الاسلوب اكثر من رائع وبانتظار ان اقرأ لك قصة اخرى قريبا .. مع فائق التقدير والاحترام
جمال_الكاتب:
تحياتي تحياتي تحياتي استاذنا الكبير
شرّفت هذا العمل المتواضع ولشدّما اسعدني هذا المرور البهي
اعتز كل الاعتزاو بملاحظاتك و اشادتك ، كيف لا وانت مثلي الاعلى في الكتابة
بشأن الملاحظة احببت الا اختار حبكة مطروقة وان اكتب شيئا غير متوقع
كل التحايا لحضرتك و الشكر الجزيل لمرورك استاذنا الحبيب
عاشقة القدس .... . ??:
تعليقي الثاني هذا تافه بعض الشي
لكن ذلك سيجنني مع أنه لا يستحق ??♀️
لماذا الفتاة بالصورة داخل القصة شعرها مفرود كالبشر العاديين
و بالخارج (و أنا أتصفح الباقية) يصبح شعرها مموج؟؟
أعلم أن الأمر لا يستحق و لكنه سؤال لا أكثر
تحياتي ،، بإنتظار جديدك?
سوسو علي - مديرة الموقع -:
الصورة الخارجية للقصة مقاسها صغير لذلك تأثرت جودتها وأصبحت غير واضحة كثيرا لهذا ترين الشعر مموج والصورة مشوشة بعض الشيء ..
عاشقة القدس ..... . ??:
أوك شكرا جزيلا لحضرتك انسه سوسو ??،،
إذا أنا لا أري خطأ ???
عُلا النَصراب:
أدون بصمتي هُنا على القصة وفاء بالوعد وقد قرأت لقطات سريعة عسى أن أعود لأقرأها كاملة كل الدعم .
جمال_الكاتب:
تحياتي لك ، اقدر حضورك وشكرا جزيلا
مروة على:
صراحة النهاية فجاءتنى وذكرتنى بنهاية القصص التى اكتبها
قصة جميلة ومن نوعيات القصص التى أفضلها
كل التحية والتقدير
جمال_الكاتب:
تحياتي الحارة المفعمة بالود
سرني مرورك و حضورك ?
فاعلة خير:
ماهذه القصه ؟؟؟ لقد دخلت في متهات كثيره .. ولم افهم النهايه
سهى:
قصة جميله وممتعه رغم انها تدخلنا في متاهات ولن تفهمها ان لم تركز فيها
احببتها
سلم قلمك وفكرك 🌹