تجارب من واقع الحياة

المجهول الذي فرق بيني وبين أمي

آه ما أحلى تلك الأيام التي عشتها مع نبع الحنان أمي، وما أجمل كلمة أمي..

أمي كانت كل حياتي، أحببتها وأحبتني كثيرا.. كنت أنا التي أمشط شعرها، و أفعل كل شيء يخصها، أواسيها.. تواسيني، تحكي لي عن همومها في صغرها وحياتها ..

وكم كنت أخاف من موت الأم، وكان ذلك هاجسا في حياتي..

وتمر الأيام وكانت لأمي أخت كأنها توأم روحها.. مرضت خالتي تلك، وبعدها سمعنا فاجعة موتها فدخلت والدتي في هيستيريا البكاء ولم تهدأ إلا بعد أيام. كان قلبي يتقطع عليها، فقد ذهبت تلك الإبتسامة الدائمة على وجهها، وأصبحت دائما شاردة الذهن. كنت دائما أود تغيير وضعها بتسليتها، فقررت أن أشتري لها هدايا لاقتراب يوم العيد. قدمتها لها محتضنة إياها ومعبرة عن حبي الكبير لها.. وقد فرحت بها كثيرا..

بعد بضعة أيام نهضت أمي متعبة ومريضة، نظرت لوجهها المتغير وملامخها المتعبة.. وما أتى في بالي وقتها أنها في خطر ومن شدة خوفي عليها أحسست بصداع قوي وبدأت أستفر.

رأتني والدتي بتلك الحالة فخافت علي وأمرت إخوتي بالذهاب بي إلى الطبيب. ذهبت ورجعت ثم هدأت حالتي.

لكن اشتد المرض على أمي، ورجعت لي حالتي فأتت ونامت بجانبي لم تكن تدري أنها سبب مرضي. وضعت يدها علي لأحسها نار مشتعلة.. قررت تغيير مكاني ولم تهدأ بل بقيت تأتي وتذهب للاطمئنان علي وفي اليوم الموالي أحسست بتحسن فجلست قربها وضعت رأسها في حضني قبلت جبينها وقلت هل أمشط شعرك قالت: لا أستطيع. أخذت الماء البارد وغسلت رجليها ويديها مرارا وتكرارا عسى أن تتحسن حالتها..

بعدها زارها أقاربنا.. مع تدهور حالتها صدمت من المنظر وتدهورت حالتي.. فأخذتني يومها عمتي للمبيت معها وفي ليلتها لم أنم فكنت أبكي وأنادي باسم أمي..

صباح اليوم التالي أتتني عمتي، ومن خلال حديثها علمت أن والدتي فارقت الحياة! كانت صدمة حياتي..

أخذوني إلى البيت والطريق تطول بي ودخلت في عالم آخر من البكاء، ولم أعد أستوعب شيئا. أسبوع كامل لم يغمض لي جفن، ولم آكل لقمة وأنا أنادي أمي.

ذهبت إلى المستشفى لمكان حفظ الجثث لأزيل عن وجه والدتي الغطاء.. كانت كالملاك نائمة. هاهي ذي جثة هامدة لا تستطيع الحراك.. وعدت للبيت لأدخل غرفتها لأرى تلك الهدايا على حالها، فانهمرت دموعي في الحال.

تحاليل أمي أثبتت بأنها ماتت بسبب فيروس كورونا وسببها عدوى من ابن خالتي التي ماتت أمه ولم ندرِ إلا بعد ذلك.

يوم العيد لم يكن كباقي الأعياد ذهبت للمستشفى ولك أرى إلا الأكياس والأوراق المتبعثرة في الشارع بدل البشر.. وعدت منها لأنصدم بموت عمي ثم يليه ابنه وابنته.

حصلت هذه الأحداث في أقل من شهرين. إنه عام ترك لي بصمة مؤلمة. فساحبة السعادة مروى تعتبركم أسرة أخرى في حياتها لطيبتكم ورقة قلوبكم فقررت أن تشارككم بعض أسرارها..

guest
8 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى