تجارب ومواقف غريبة

المختارة ..

بداية متواضعة ..

وصلني بريد إلكتروني تلح صاحبتها بأن أقرأ محتواها، فقد أرسلت مراراً من نفس البريد تطلب مني مشاركة ما حدث لها من أمور غريبة، فإليكم إذن قصة المختارة ..

تقول:

بداية لست من يحبون القراءة، أو من عشاق القصص أو أفلام الرعب وما يأتي خلف الناس ليقتلهم او ليلتهمهم ممزقًا أشلاءهم ودمائهم تتطاير يمنة ويسرى، لكن في تلك الليلة بدأت قصتي الغريبة .

كالعادة في كل إجازة طويلة وكفتاة شابة أقيم في بيت جدتي، حيث أن والداي يعملان في الخارج وجميع إخوتي متزوجون ومنغمسون في حياتهم الخاصة. فكان مناصي الوحيد هو الاستلقاء على السرير وتلك السماعات في أذني لتعزلني عن العالم الخارجي لأعيش حياتي الخاصة من الخيالات والآمال بصوت تلك الألحان الصاخبة التي تلون عالمي الخاص.

لا أخفيكم بأني تلقيت الكثير من التوبيخات من قبل جدتي بخصوص تكاسلي وعدم مساعدتها، والسماع لتلك الموسيقى طوال الوقت، وتركيزها الشديد على تذكيري بأن الغول سيأتي ويأخذني يومًا إن بقيت بلا حراك، نعم كما قرأتم الغول ، غ و ل = غول ، نعم اعتدلوا في جلساتكم واصغوا جيدًا لأن ما سأقوله الآن شيء مضحك، لا تنفك جدتي تحكي عن الغيلان التي تسكن البيت من زمن بعيد وتقول بأنهم أسياد المنزل الحقيقيون. بحيث أنهم كانوا موجودين على هذه الأرض من قبل الإنسان. ولا أخفيكم بأني قد لاحظت أمورا غريبة إلا أني لست مهتمة أو متأكدة تمامًا من حدوث تلك الأمور.

إقرأ أيضا:معاناتي مع الجان العاشق: كيف اصنع أحلام بريئة وحياة سعيدة؟

فمثلاً كثير ما أجد ذلك الشعور بأن هنالك شي يراقبني بالاخص في زاوية غرفتي، كنت اشعر بالضيق أحيانًا كثيرة فأقوم بالجلوس أمام مدخل الغرفة حيث باب الغرفة – أعلم بأن هذا غريب ولكني اشعر بالراحة في هذا الموضع – وآخذ قيلولة قصيرة في مكاني حتى استيقظ مفزوعة على صرخة قصيرة مباغتة من لا أحد ! والأمر الآخر الغريب هو حالة الإغماء المتكررة والمنتظمة. نعم كل مساء في يوم الخميس كلما دخلت غرفتي للنوم أسقط مغمى علي قبل أن أنام على السرير. متى حدث هذا ؟

لا أذكر متى حدث هذا، ولكن ما أذكره أنه بدأ في هذه الغرفة حدث في إحدى إغماءاتي أني حلمت حلمًا غريبًا، شخص غريب يقف في وسط صحراء حيث الزوابع صغيرة من حوله ويقول بصوت مسموع:

_ لا تقلقوا هي لا تعلم بوجودنا ولكنها ستعلم، سوف يأتي يومها ولننتظر الوقت المناسب .. سوف يأتي .

واستيقظت في حضن جدتي القلقة ودموعي الجافة على خدي.. ومن بعدها توالت علي تلك الاحلام الغريبة .

الحرب ..

في تلك الفترة باتت أحلامي غريبة مع وجود تلك الضبابة الغريبة، أو الغشاء المشوش المزعج على العينين. إلا أني كنت أشاهد أحلامي بوعي وإدراك ولا أنفك عندما أستيقظ اذكر تفاصيله بدقة.

فمثلاً لا أنسى حلمي الغريب الذي كنت فيها مسافرة في منطقة ثلجية حيث كنت اقتل مخلوقات نارية في قصر ثلجي (غريب) وزيارتي لقلعة قديمة لديها مداخل سرية متعددة مع مطاردة من مخلوق مخيف. أو ذلك الحلم الذي كنت فيه أطير فوق السحب من منطقة إلى منطقة في الليل الحالك حيث كنت أحط على الأشجار وأقتنص الفرص للانقضاض على المخلوقات الغريبة.

إقرأ أيضا: ما سر هذه الأشياء الغريبة التي تحصل معي؟

نعم باتت أحلامي واضحه وأعيشها بكل تفاصيلها، وكنت أتشوق للنوم والحلم. فمرة بعد مرة باتت أحلامي لذيذة مع وجود عنصر الخوف والرعب والترقب، إلا أني كنت أستلذ في كل لحظة أذهب فيها للنوم. ولعلمكم فأني مجرد ما أن أضع رأسي على الوسادة، حتى ما أدخل في سبات عميق من دون تأخير وأجد هذا امرا غريبا .

باتت موضوع أحلامي الغريبة شيئًا اعتياديًا حتى حلمت بذاك الحلم الغريب ..

حلمت في بقع شاسعة من الأعشاب والليل يلفني من كل جانب وأمامي تلك البركة الساكنة وفي منتصف البركة السوداء أغرب شكل هندسي رأيته في حياتي.

ما رأيته هو شكل مكعب لونه أبيض لامع يطفو في منتصف البركة في أسفل طرف المكعب مربعة خاوية. يتدلى على سقف تلك المربع الخاوي مخلوق أسود نحيف. نعم كنت أشاهد ذلك المخلوق وهو متعلق بقدميه متجه بوجهه للأسفل ناحية البركة السوداء كأنه خفاش طخم.

في حينها شعرت أني يجب أن أقضي عليه، واتجهت مسرعة نحوه بخطوات واسعة وفوق الماء.. نعم فوق الماء من دون أن أغرق.

كنت أجري بقوة وأحس بالهواء يضرب وجهي، وأنا أنطلق كالصاروخ ناحيته من دون خوف، وضربته بيدي فتلاشى المخلوق النحيف واختفى.. والغريب في الأمر أني في سرعة وقفت في مكانه بالمقلوب، حيث أن البركة فوق رأسي وقدماي على المكعب، وكأني أخذت مكانه وشعرت بالفوز والنصر، واستيقظت من منامي وشعور غريب يخالجني.

المختارة ..

بعد ذلك الحلم لا أخفيك بأني لا أشعر بالارتياح وكأني مرهقة جسديا وعقليا، وأغلب الوقت مستلقية على سريري أشعر بالنعاس. أصابني بعدها نوبات من الغيبوبة المتقطعة وكنت أحلم بأحلام غريبة، وآخرها وهي أغربهم أني رأيت مخلوقات هيئاتها غريبة شفافة متداخلة، مجتمعون في منطقة مزدحمة وأنا في وسط الزحام وكأني في نفق ضيق تتداخل فيها ألوان أجسادها الصاخبة البني والرمادي كالأمواج مع بعضها البعض ويتدافعون ناحيتي، وأشعر بلمساتهم، كانت تلسع كالدبابيس في مختلف جسدي وهمساتهم تعلو وهم يتحدثون :

_هي المختارة، هي العظيمة، إنها المقدسة.

همسات متداخلة وضجيج مزعج ولكن كنت كالورقة مخدرة مسلوبة الإرادة واقفة بين هذا الزحام الذي يدفعني بتلك الأيادي اللاسعة. لن اخفيكم أني شعرت بشعور غريب بحب ذلك الزحام والألوان والهمسات حتى اللسعات لتلك الأيدي .. نعم وكأني اتقبل ما يحدث لي بشعور الرضى والسعادة فيه شي ضئيل من الخوف والحزن ..

وصلت بين تلك الضوضاء والحركة لمكان غريب اتضح بأنه كرسي مرتفع أو بالأحرى كرسي ضخم ومزين بشكل غريب أشبه بمساحة صغيرة واسعة قليلا. أخذت الأجسام تدفعني بصوتها الرتيب وبنغمة تتعالى ..

_هي المختارة .. العظيمة .. المقدسة.

حتى جلست على الكرسي، لا أعلم ولكن أحسست بأني أنظر إليهم من علو وأنهم جالسون بين أقدامي بتلك الأعين الغريبة الواسعة مائلة إلى الصفرة، والأجسام المبهمة مختلطة في بعضها بألوان متداخلة لا أستطيع وصفها وكأني في الواقع مخدرة، فالرؤية ومشوشة ليست واضحة الاصوات كذلك ..

فجأة بدأوا جميعا بالسجود لي وبصوت واحد قالوا :

_اعبدوها .. هي المختارة .. العظيمة .. المقدسة.

لوهلهة شعرت بخيط رفيع من القشعريرة، وخوف عارم يداخلني. بدأت أسأل مالذي يحدث؟ ماذا يفعلون؟ شعرت بالخوف ليس منهم ولا مما يحدث، شعرت بالخوف، واستفقت :هل أكون أنا ندا لله في العبودية؟ _ تعالى الله عما يصفون _ سؤال غريب!

بعدها بدأت أبكي وأحاول أن أقوم من مقامي، فتجمعوا علي بأياديهم التي كانت تلسعني بشدة. بدأت أصرخ وأحرك يدي اليمنى واليسرى. كانت المخلوقات الغريبة تتداخل في بعضها وتختلط في يدي وكأنها موجات وهمية تتحركة حولي. حاولت وحاولت ولكن دون جدوى وهمساتهم تعلو ..

_هي المختارة ..

صرخت وشعور الخوف الشديد في صدري وبكيت :

_لا إله إلا الله، لا أريد ..

وفجأة تلاشى كل شيء ..

سواد حالك وسكون تام، نظرت إلى الأمام ووجدت ذلك الغريب وعيناه الغريبتين ترمقانني. شدنني رموشه الطويلة، وهذا ما يظهر منه فقط، كان ملثما بعمامة وجلباب واسع ..

قال لي: ترفضين عرضنا!!

قلت بصوت هادئ : أنا أخاف الله .. أخاف غضبه .. لا أستطيع .

أزال الوشاح عن وجهه وليته ما فعل! كان يملك ملامح غريبة جدا أقرب لحيوان على كونه إنسانا! خفت واستعذت بالله منه وأنا أشيح بوجهي، بعدها شعرت بأني أرجع لوضعية النائم وكأن روحي تدخل جسدي الملقى على السرير.

حركت عيني ونظرت من حولي لأجد جدتي وجدي ويحمل الأخير مصحفا وسمعت جدتي تقول :

_الحمد لله.. استفاقت من غيبوبتها.

واحتضنتني بدفء وأنا أبكي بشدة . شعور غريب وكأني كنت ميتة لوهلة وعدت للحياة وعلى جسدي علامات وحروق كثيرة .

#انتهى

guest
5 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى