ألغاز تاريخية

سجن قارا : أغرب معتقل في التاريخ

في شمال شرق المملكة المغربية ، وتحديدا في مدينة مكناس ، و “مكناس” هي كلمة أمازيغية إن أردنا تعريبها و ترجمتها يكون معناها “المحارب” . و تتميز المدينة بتاريخ كبير و طويل نظرا لموقعها المتميز . وبالطبع بها بوابات قديمة من عصور ممالك سابقة وساحات شعبية و تاريخية ، و أماكن عدة مثيرة للإنتباه بتلك المدينة العريقة . ولعلّ أبرزها هو سجن قارا .

حبس قارا

يعرف باللهجة الدارجة المغاربية “حبس” قارا ، الذي يقع قرب قصر الحاكم وقتها في “حومة” القصبة الحمراء . فهو للوهلة الأولى ليس بالشيء المثير للإهتمام سوى لمحبي التاريخ .

وهو عبارة عن سجن أثري تم بناؤه أواخر القرن السابع عشر و بوادئ الثامن عشر علي وجه التقريب . وأمر ببناءه السلطان العلوي المولى إسماعيل . وإلى الآن هو مكان أثري يجذب المهتمين بالآثار كما أسلفنا الذكر . لكن الغريب فيه هو تصميمه ذاك و القصص و الأساطير الغامضة التي حُكيت عنه على عدة أوقات ، وهذا ما سيدور عنه المقال .

تصميم السجن

سجن قارا عبارة عن ثلاث قاعات ضخمة جدا و على شكل متاهة . إذ بها الكثير من الممرات و المداخل و الأقواس . لا يُعرف عددها أو فكرة تصميمها عموما حسب ماقالت وزارة الثقافة المغربية عنه . ويأتي تصميم السجن بطريقة مميزة جدا ، فهو مبنى تحت الأرض بدون أبواب .

blank
السجن عبارة عن مبنى تحت الأرض دون أبواب
إقرأ أيضا : مدينة النحاس .. اللغز الاغرب

المبنى عبارة عن سراديب يتم إدخال السجناء منها و إلقاء الطعام والشراب لهم ، و يأتي بمساحة ضخمة تقدر بعشرات الكيلومترات تقريبا . و لا احد استطاع أن يكتشفه ويحدد مساحته . يقال أنه يتشعب تحت مدينة مكناس كاملة . ولك أن تتخيل حجم العقاب في أن تلقى داخل متاهة مظلمة بحجم مدينة أخي القارئ! .

لقد بني السجن بالأصل لإخماد الثورات بالمملكة قديما و رمي السجناء فيه . و أيضا تم بناؤه لأسرى الحرب من البرتغاليين و الإسبان و الفرنسيين و مرتزقة الشمال الإيطالية أثناء الحروب المندلعة بين ثقافتي جنوب و شمال ضفتي الأبيض المتوسط .

كان فوق السجن مباشرة مكان سياسي ما يدعي قبة السفراء ، وهي قاعة كبيرة يتم فيه استقبال دبلوماسيي الدول الأوروبية المنخرطة في حروب ضد المملكة للإتفاق على تسليم الأسرى و تبادلهم و ما إلى ذلك من بنود تفاوضية . أي أنهم كانوا يجعلونهم يقفون فوق أسراهم مباشرة بدون علمهم .

و لقد سمي ذاك السجن بقارا ويقال أن قارا هو اسم أسير برتغالي و كان مهندسا بارعا ، فطلبه الملك لإنشاء سجن ضخم تحت الأرض لا يستطيع أحد أن يهرب منه و يسع قرابة الأربع ألف سجين .

إن نجح بذلك فله حق النجاة و الحرية و نجح بالفعل البرتغالي “قارا” في تصميم حبس قارا كما أراد الملك . و على ذكر الحرية ووعد الملك له بالخروج ، فيقال أيضا أنه طلب من المهندس أن يصممه بمخرج واحد فقط . وأي سجين يستطيع إيجادها له كامل الحق بالخروج بشكل طبيعي ولا تتم مساءلته أو مطاردته .

blank
الداخل لسجن قارا مفقود والخارج منه مولود
إقرأ أيضا : مدينة سيفار الجزائرية: لغز برمودا الافريقية

إنها تبدو كقصة من إحدى القصص القديمة ، لكنها الروايات المحلية المتداولة حوله . و عمليا فان إيجاد ذلك المخرج و الهرب تندرج بين الصعب و شبه المستحيل . لأن السجين الذي يود الهرب منه قد يظل أيام و فترات طويلة بالبحث . و بالتصميم الذي يشبه المتاهة يظل السجين يلف حول نفس مكانه حرفيا لفترات طويلة . بالإضافة إلى عوامل الظلام والجوع و العطش ، والهلاوس والضغط النفسي والخوف ومحاولة العودة من حيث جاء رفقة باقي السجناء . وكأنه يقول في قرارة نفسه ما كان علي التوغل .

هذا العامل أيضا بنيت عليه روايات محلية أخرى ، هي أنه توفي الكثير داخل ذلك المكان جوعا و عطشا . وأرواحهم قد تثير الإزعاج أثناء انتشارها بالمكان . وتوجد عدة روايات أخرى لأشباح و أصوات صراخ ، و أشخاص يبكون و أصوات ضرب و تكسير حجارة .

وكلها روايات ضعيفة و غير موثوقة بدرجة كبيرة . لكن لازال متداولا أنه توجد لعنة موجودة ما داخل ذاك السجن ، لا نعلم صحة وجودها صراحة .

السجن في وقتنا الحالي

تم اغلاق قاعتين من أصل ثلاث و ترك جزء من قاعة واحدة مفتوح للسياح من قبل السلطات المغربية . وذلك بعد أن غامر فريق استكشاف فرنسي في التسعينيات بالدخول بهدف الإكتشاف و التوثيق . فقاموا بتوفير ما يلزم من مؤن كافية و معدات لازمة للبقاء .

blank
أصبح السجن مزارا سياحيا

و بالفعل وصلوا إلى المغرب و لمدينة مكناس ونجحوا في دخول متاهة أبدا لم ينجحوا في الخروج منها . فدخول حمام قارا ليس كخروجه طبعا ، لأنه لا يوجد خروج أصلا . و بالطبع – كما هو بديهي –  لم يعودوا إلى ديارهم أو إلى أشعة الشمس . وحتى تاريخ كتابة هذا المقال حاليا ، فلا أثر أو شيء يدل علي مكانهم أو حالهم . فقد ابتلعتهم متاهات قارا الرملية كعقوبة علي الفضول ، كما ابتلعت أسلافهم الأوروبيين أيضا كعقوبة علي محاولتهم غزو شمال القارة العنيدة .

إقرأ أيضا : صحراء الربع الخالي و لغز المدينة الضائعة تحت الرمال

وإلى الآن يظل ملف قارا معلقا و لم يستطع أحد حتى الآن فك شيفرته . أو ربما قد تم حل اللغز من زمان و لكن لا تحبذ السلطات مثلا إماطة اللثام عن سرية المكان  . لا أحد يعلم ، و كل الإحتمالات واردة ، لكن يمكنك عزيزي القارئ مشاركتنا رأيك حول هذا الموضوع وما الأسباب المنطقية لذلك؟ .

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
أسطورة سجن قارا : الداخل مفقود والخارج مولودتصميم بسيط لكنه مرعب.. ما قصة هذا السجن بالمغرب الذي يصعب الهروب منه؟ - CNN ArabicWikipedia
guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى