تجارب ومواقف غريبة

عَيْنَانِ سَوْدَاوتَانِ تُنْظُرَانِ إلَيْـكَ

مرحباً بكم – معشر رواد كابوس الأعزّاء.

حدث لي موقفاً ففضلت مشاركته مع الإخوة والإخوات ، ولحبي الكبير لموقع كابوس ، الموقع الثقافي الأول بالنسبة لي وللكثيرين بقصص الغموض والماورائيات والغرائب وغيرها.

هذه الأحداث تنقسم إلى جزأين ، وقد حدثت في العام 1996م ، كنت حينها طالباً في الكلية في جامعة تعِّـز .


الحدث الأول:


وهو في ربيع العام 1996م عندما كنت أقوم بزيارات شبه متكررة لجماعة من إقربائي ومن العشيرة ، إذ كانوا قد أقبلوا من المديرية الريفية التي تنتمي إليها عائلتي إلى المدينة ، من أجل إمتحانات الثانوية العامة .

وكان بعضهم يقيم في لوكندة تحتوي على إستراحة شبيهه بالمقهى بالإضافة إلى غرف ، في نفس الطابق ، وكانوا يجتمعون في تلك اللوكندة ، لمذاكرة المواد المقررة عليهم .

في إحدى الليالي قررت الذهاب إلى اللوكندة التي يتواجدون فيها ولا أتذكر إن كانت المرة الثانية أمِ الثالثة لذهابي إلى هناك ، فصعدت على السلالم إلى الطابق الثاني ، ثم دخلت الغرف التي كانوا يجتمعون فيها ، والقيت التحية وكالمعتاد الإسئلة الروتينية عن الأحوال وكيف تجري معكم الأمور مثل مذاكرة الدروس وغيرها .

لكنهم في تلك الليلة فاجئوني بأمرٍ مروِّعٍ حدث لهم في الليلة السابقة !!.
ألا وهو أنّه جاء صبيٌ من القرية للعلاج بالرقية الشرعية ، عمره أثناعشرة سنة ، وهو إبن لأخ صاحب اللوكندة ، قد تلبسه جني لعين ، بحجة أن أهله في القرية كانوا يصبون مخلفات الماء الخاص بتنظيف أواني الطبخ من على سقف الدار الى أحد أركان الدار حيث يعتبر ذلك المكان سكناً لذلك الجني اللعين .

فأخبروني أنّه أثناء تواجد الصبي كالمعتاد في الغرفة التي كانوا يجلسون فيها متكئين فوق الأسرّة ، وكان الصبي واقفاً وسط الغرفة ، والهدوء يخيم على الغرفة ، إذ فجأة يطير الصبي في الهواء وكأنه يقفز لكن قفزة للأعلى ، ثم يعود مرتطماً على سريرفارغ كان بركن الغرفة وكان الصبي في وضعية الجلوس ، ومحدثاً صوت ضخم جرّاء الإرتطام وهم ينظرون إليه ، وكانت ذراعيه إلى جواره على السرير ، أو كأنه متكأً عليهما ، أمّا ظهره فكان مستنداً إلى الجدار.

وهم في حالة الفزع والهول مما جرى ، ينظرون إليه ولكن ما أخافهم أكثر هو عندما نظروا إلى الصبي لم يكن مستنداً على الجدار بظهره وإنما برأسه أو بقفا الرأس ، حيث كان رأسه مرفوعا ،، أمّا عينيه فكانتا مقلوبتين ، أي لا يرى منهما إلّا البياض.

وكان فاغراً فاه ولسانه مستقيمة للخارج ، ويرونها تتحرك حركات طفيفة للأعلى والأسفل ، ، في الوقت الذي تتوسط الفم .
و أنّ ذلك لم يكن كل شيء بالنسبة لهم ، بدءاً من القفزة المرعبة والإرتطام على السرير الحديدي ، ووضعية الطفل في الجلوس وعيناه المقلوبتين للأعلى ، والفاه واللسان المتحرك بحركاته البطيئة ، كل ذلك الذي حدث ببرهة من الزمن لم يكن شيئاً أمام صوت الضحكة المرعبة التي تصدر من فمِ الصبي ، ضحكة رجلٍ شرير ، أشبه بالضحكات الشريرة التي يرونها في مسلسلات الآنمي ، كما أخبروني .

صوت رجل أجشّ يصدر تلك الضحكة يليها جملة ترحيب بهم ، وماذا تفعلون .. أو ماشابه .. إلخ .. لكن من دون أن تنبس شفتي الصبي بأي حرف ..!!.

حينها شرع بعضهم بقرآءة القرآن الكريم وبالتحديد سورة ياسين ، كما أخبروني ، والغريب أن ذلك الجني اللعين ، كان يردد الآيات معهم ، اي كان يردد ما يقولونه ، إلا عندما يصلوا إلى الآية ” وجلعنا من بينهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً …. ” كان يرد عليهم ” يسدوا حلقك ، يسدوا حلقك ” .. أي فلتخرس يا هذا ..

لا أستطيع الإطالة لأن هناك بعض التفاصيل التي تلت الحادثة ورويت لي ، أنه بعد فترة قصيرة من الوقت أتى بعض الرجال من الإستراحة وعلى رأسهم عمّ الصبي ،، وإلى آخره من التفاصيل إلى خرج الجني اللعين مغادراً جسد الصبي .

الأهم أنني سألتهم لماذا لم تقوموا بضربه ؟؟ أي بضرب الصبي؟.

فألتفت بعضهم إلى بعض متعجباً مما قلته لهم . فعقبت عليهم ، نعم كان من المفترض أن يقوم أحدكم ويمسك الصبي من ذراعية وآخر يوجه الصفعات واللكمات اذا استدعى الأمر والأهم ألا تكون وسيلة الضرب آداة جارحة !!.
ثم سألوني كيف ؟ ألم يتأثر الصبي بذلك ؟.

أخبرتهم ، إطمئنوا لن يحدث للمتلّبّس به أي شيء ، فقط المتضرر هو المُتَلَبِس ، أي الجني وليس الإنسان .
فردوا وهم ينظرون إلى بعضم البعض ، صحيح ، لامسنا ذلك بالأمس عندما قام عمُ الصبي بتقبيل يد الصبي اثناء مخاطبته الجني ،” هذا طفل صغير ومسكين وو إلخ ” ، فسخر منه الجني ضاحكاً ، ” أنت تقبلني يا هذا ” .

المهم يا أصدقائي أنه تم أخذ الصبي إلى شيخ ليعطيه التعويذات المكتوبة وإلخ . وكان الشيخ الذي يقوم بالرقية ، يخبر عم الصبي ، بأنكم للأسف تجلبون الصبي من دون الجني ، لأن الجني لم يكن متلبس الصبي أثناء زيارة الراقي .. إلخ .

والحمدلله شفي الصبي بتلك التعويذات المكتوبة والتي يطلقون عليها إسم ” حِرْز – بكسرِ الحاء ” وهي عبارة عن تعويذات مكتوبة على ورق ، ثم تغلف جيداً بمادة بلاستيكية عازلة للماء.

والآن إلى الحدث الثاني من القصة .

إقرأ أيضاً : قصص مرعبة من صعيد مصر -1-

الحدثُ الثاني :

أمّا هذا الحدث فهو في خريف ذلك العام ، وتقريباً خلال شهر أكتوبر/ تشرين أول ونوفمبر/ تشرين ثاني ، بعد قضاء العطلة الصيفية في مدينة الحديدة حيثُ تقيم عائلتي ،عدتُ إلى تعز ، لأكمال الدراسة.

وكان لديّ شقة في عمارة جدّي ، عبارة عن غرفة واحدة وأتشاركها مع أثنين من أقربائي ، أحدهما كان طالباً أيضاً في الجامعة ، لكنه بداية الفصل الدراسي ذهب للإقامة المؤقتة عند صديق له في ضاحيةٍ شمال المدينة ، يطلق عليها الحوبان.

لذا كنت أفتقده في الأسابيع الأولى للدارسة ، ومللتُ من المبيت في الشقة ، فقررت أن أبيت كلّ ليلة في تلك اللوكندة ريثما يعود ، وكان يتواجد بها أشخاص من المحلّة التي أنتمي إليها ، كما أنها لاتبعد سوى ثلاثة شوارع عن سكني.

ومكثت قرابة الشهر ونصف شهرتقريباً أبات هناك ، أذهب إليهم للمبيت مساءاً بعد صلاة العِشاء وأعود لشقتي في النهار ، وكنت أشاركهم مشاهدة التلفاز ومتابعة المسلسلات العربية إلخ. كما أنني أكون مستأنساً بالأحاديث التي يتحدثون عنها.

بعد ذلك تُطفأ الأنوار إلّا الخافتة منها ، ومن ثمّ يذهب كل شخص إلى فراشه ، وللتذكير لك عزيزي القاريء ، كانت اللوكندة عبارة عن قسمين أحدهما إستراحة كالمقهى وبه أسرّة للجلوس وللنوم أيضاً ، أما القسم الآخر يضم جزء به غرف وجزء يليه كصالة فسيحة ، ثم الأخير حمامات أعزكم الله ومِغسلة.

وكنت كالعادة قبل النوم وقبل وبعد الإستلقاء على الفراش ، أواظب على قراءة الأذكار المأثورة وآيات الحفظ والمنجيات ثم الثلاث الآيات الأخيرة من سورة البقرة وآية الكرسي و الإخلاص والمعوذتين ..إلخ.

لكن قبل ذلك أذهب للحمامات أعزكم الله ، فأمُر بالرواق ثم الغرف من جهة يميني كانت خالية وموحشة ثم باحة من الصالة تقع أمام الحمامات ، وكان ينتابني شعور مفاجيء بتواجد كائنات من العالم الآخر ، في الباحة والغرف والصالة ، وتختلف درجة الخوف من وقتٍ إلى آخر ، ولقد تعوّدتُ على هذا الأمر في الكثير من الأماكن ، ولا سيما الفنادق والموتيلات.

ثم أتت تلك الليلة وأثناء خروجي من أحد الحمامات أعزكم الله ، وعلى يساري من جهة المغسلة ، أحسست بشخصٍ يجلس على طوبة ، ولكنني لا أراه !! وكانت الإنارة خافتة ، فمررت بالقرب منه ، فأوجستُ منه خيفة ، بل أنتابني الخوف ، وكان ذلك خطأي !! ” الشعور بالخوف ” وهذا ما يريده هو وأغلب بني جنسه من العالم الآخر ،،،،، الخوف ..!!.

فواصلت السير إلى سريري ، وأستلقيت على الفراش وتناسيت الأمر ، ثم بعد مرور نصف ساعة تقريباً ،يأتيني النعاس ، ومن عادتي أنْ أغمض عينييّ ثم أفتحهما وببطء ، إلى أن يغلبني النعاس أكثر فأكثر ، لإغمض عينييّ ولاأفتحهما إلى لسبب آخر ، وذلك عند إقتراب نقطة الدخول للسبات.
لكن عند إغماض عينييّ الأخير … صُدمتُ فزعاً من شيءٍ غريبٍ لم يحدث لي من قبل ..!!.
جعلني أفتح عينييّ فوراً من هول ما رأيت ، لإنني أعلم أنْ ما رأيتهُ ليس من نسج مخيلتي ، كما أنني أتحكم بإحلامي المزعجة منذ الصغر. فما الذي يحدث ؟؟ هكذا كنتُ أتسآءل ..!!.

وبالرغم من أنني لم أكن نمت حينها ، لكنني قررت العودة للنوم بل لإُكرر تلك العملية ، ألا وهي إغماض العينين لِلحظةٍ من الزمن قد تكون ثانيتين أو ثلاثَ ثوانٍ ، ثم فتحهما ، لكي أتيقن مما رأيته!!.

فعاودت الكرّة مرة أخرى ومرتان وثلاث وأربع ، والحال كما هو ، فأحترت في أمري أكثر فأكثر والخوف يزداد أكثر فأكثر. وكنت أتسآءل وكالمثل العربي الشهير أضرب أخماس في أسداد ، لمعرفة ماذا يحدثُ لي ؟؟ ماذا يظهر أمامي ؟؟. وفي نفس الوقت كنت أتحصن وأحتمي بسورة الإخلاص والمعوذتين وغيرها وأعيد القراءة أكثر من مرة ، ولكن دون جدوى.

لكنني خلال ذلك فكرت وفكرت ، حتى تذكرت شيئاً هاماً وهو متعلق في القصة السابقة التي ، نعم تذكرت أنني في ذات شعرت بتواجد ذلك الكائن في اللوكندة ، وتذكرت أن الصبي ذكر أثناء حواري مع أحدهم أنّ ذلك الجني المتلبس ، له منظر مرعب ولم يزيد في التفاصيل فقط ذكر بأنّ لونه أسود.

حتى الوقت كان مُحرج بالنسبة لي لأنني كنت في ساعة متأخرة من الليل ، والجميع من حولي كانوا يغطون بالنوم.
فمجرد أن أغمض عينييّ أرى المنظر المرعب والغامض أمامي. وهنا وجدت نفسي أمام مشكلتين إثنتين :
الأولى أنّه مرعب لإنني لم أعتد عليه بل لم اشاهد مثل ذلك من قبل ، والثانية أنّه غامض لأنه لم يظهر بالكامل كي أتعرف عليه أكثر .!!.
فما الذي رأيته في بالكم ؟؟ ما رأيته هو:

عينان سوداوان مخيفتان ، أمام عينيّ مباشرةً ، كأنهما عينا ذئبٍ أسود اللون ..

أكتفي بهذا القدر من القصة ، رغم أنني لا أحب الإطالة ، ولكنني رأيت أنّ بعض رواد كابوس يفضلون القصص المطوّلة ..

إقرأ أيضاً : قصص مرعبة من صعيد مصر -2-

تنويه :


أعتذر عن أيّ تقصير ، علماً بأنني قمتُ قدر المستطاع بتهذيب وترتيب أحداث القصة عدة مرات. والوقت لا يساعدني في ذلك حيث أنّ مدة كتابتي للقصة قرابة الشهرين بل أكثر ، وذلك بسبب إلحاح صديقٌ لي من مصر على كتابة بعض التجارب التي مررتُ بها ، وأظن بعضكم يعرفه جيداً ، إنّه مصطفى مجدي أو يعرف بمصطفى المصري ، وله عدة تجارب نشرها في الموقع ، ولهذا أُهدي هذه القصة له ،،..
أستودعتكم الله …

التجربة بقلم : ( مُسْتَشْعِرٌ بِالطَرَفِ الآخَرِ ) – Ali Mohammed – اليمن

للتواصل : [email protected]

guest
97 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى