تجارب ومواقف غريبة

قصص والدي 2

بقلم : خالد -اعرق ارض في التاريخ

مرحباً مجدداً ، شكرا لموقع كابوس الذي نشر التجربة السابقة ، ومن ثم أقول أني لا أُلمّع لا سحر و لا غيره ، وحتى والدي بعيد كل البعد عن السحر و الروحانيات ، ولقد عايشت جدي والله اعلم بحاله ، لكنه كان حسن المعشر و طيب الكلام ، ما اكتبه هنا فقط لانقل بعض الامور الخارجة عن المألوف لا اكثر ولا اقل ..

عصابة الجن ..

جدي كان يعمل في الفلاحة ، أي كان مزارعاً ، وكان له بستان كبير فيه ما لذ وطاب من الأشجار ، كان بستانه مضرب مثل الفلاحين في ذلك الوقت ، وكانوا يقولون من أراد رؤية الجنة قبل دخولها فاليذهب اليه .
شاع في ذلك الوقت السقاية الليلية أو ما يسمّونة (بالعدّان) ، وهي ري الحقل في الليل حسب تقسيم المياه .
في احد الليالي ، ذهب جدي للعدّان وقد اخذ قنديله و بندقية الصيد خاصته وبعد ان ساقه الحصان خاصته بعيداً عن البيوت و السكن ، واستقبل الاشجار الكثيفة الوارفة و الطرق الملتوية بين تلك البساتين ، وإذ بالحصان يجفل و يخفض من سرعة سيره ، قام جدي باستخدام الخيزرانة عليه ليسرع اكثر ، لكن الحصان في النهاية توقف كليّاً .
هنا ظن جدي أن الحصان قد شعر بمفترس ما يتربص به ، لذلك استل بندقيته من خلف ظهره ، وحشاها بالبارود ، وما ان كاد ينتهي حتى شعر بشيئ ما وقد قفز على ظهره . قال جدي فيما بعد لوالدي ، ان الدماء تجمدت في عروقه ، لأنه وعندما رفع رأسه رأى العشرات من الكائنات الخضراء المتوهّجة ، كانت تمط نفسها لتصبح بطول المترين و تعود لتتقلص حتى تصبح قزمة في نصف متر .
على ظهر جدي كان قد قفز احدى تلك الكائنات .
لم يره جدي الذي ترجل عن حصانه وامسك بالرسن (قيد الحصان) وبدأ يمشي ساحباً حصانه بين تلك الكائنات التي كانت تطول وتقصر . بعد مدة من المشي ، سمع جدي صوتاً من الكائن المتعلق على اكتافه وقد قال له :
الم تعرف من انا بعد يا ابا مدين
(جدي هو ابو مدين) ، فرد جدي عليه قائلاً ، عرفتك .. ولكن مرَّ على رأسي من أمثالك الكثير .
عاد جدي ليكمل ما كان يتلوه من اقسام ، فقفز الكائن من على اكتافه وبلمح البصر اختفى .
يقول جدي انه قبل أيام من تلك الحادثة ، كان قد اخرج جنيّاً متلبساً بجسد امرأة ، ولم يخرج إلا بعد أن أذاقه جدي اقساطاً من العذاب ، وانه في تلك الليلة كان يريد الانتقام من جدي لكنه لم يستطع .

الزيت يكشف اللص .


سُرق أحد المنازل في ذلك الوقت ومن شدة الصدمة أُصيب رب الاسرة بالجنون ، وفي ذلك الزمان عندما لم يكن للطب شأن يذكر ، جاء ابناء ذلك الرجل المكلوم الى جدي ليعالجة (بالتكبيس) ، قراءة بعض الايات و المناجيات عليه . ولأن جدي رأى الحال الذي وصل إليه صاحب المنزل ، اخبرهم بأنه سيساعدهم ولكن بشرط . الا يخبروا احداً بهذا ، وقد اخذ منهم ميثاقاً مغلظاً في ذلك .
اتى جدي بقدح فخّاري امسكه وتلى ما تلاه ثم نفخ فيه ، وبعدها قام بصب زيت الزيتون بداخله و قرأ شيئا ما أيضاً ثم اعاد النفخ ، يقول جدي انه استطاع رؤية وجه اللص يطفو على الزيت ، وانبأهم بالطريقة التي دخل بها و المكان الذي خبئ فيه ما سرقه ، وبالفعل اقتحم اولاد الرجل مع بعض عناصر الدرك بيت الشخص الذي اشار له جدي ووجدوا المسروقات في منزله و في المكان الذي دلّهم عليه .

المغارة المسكونة ..

عندما كان جدي طفلاً ، انتشر في ذلك الوقت خبر الشابة التي دخلت إلى مغارة الذهب المسكونة ولم تخرج ، كان يحكى عن مغارة ملأها احد المتسلطين بكنوز من الذهب ، وكانت هذه الكنوز آتية من استلابه لاموال الناس وجوره عليهم ، ويقال انه عندما كبر اولاده ، ارادوا ان يتقاسموا الذهب ، فاجتمعوا في المغارة مع أبيهم ، وربما الطمع اعماهم فقتلوا بعضهم ، ومن يومها باتت تلك المغارة ملعونة ، وما دخلها احد وخرج منها ، حتى ان الحيوانات تخشى الاقتراب منها . وبعد ان فقد الكثير بداخلها ، اجتمع اهل القرية على سد بابها بحجر ضخم ، وقد تم هذا بالفعل وارتاح الجميع لعقود بعدها ، الا انه مع الزمن تهاوى جزء من تلك الصخرة و أصبح بالإمكان أن يدخل الشخص للمغارة من ذلك الشرخ الضيق .
بالعودة للحادثة التي شهدها جدي في طفولته :
قررت فتاة شابة ارملة ، بلغ منها الفقر ما بلغ ، الدخول لتلك المغارة و اخذ ما يمكنها اخذه منها ، علها تستر نفسها وبناتها ، ذهبت برفقة ابنتها و عندما وصلت اخبرت الام ابنتها ، انها غيرت رأيها ولن تجازف ، لكن الابنة امسكت الفانوس (نسميه فانوس و البعض يسميه مصباح او قنديل / يعمل على الزيت) وركضت باتجاه الشق في باب المغارة ودخلت .
ولكن فجأة تزحزحت الصخرة عن مكانها و غطت الشرخ ذلك و علق شعر الابنة ، هي في الداخل وشعرها متدلٍ في الخارج ، صرخت الام وعادت الى القرية تعول وتستنجد ، واجتمع العديد من الشباب يحاولون هدم او ازاحة تلك الصخرة ولكن دون جدوى ، بعدها استسلم الجميع ويأسوا من نجاه الفتاة ، ومضى الزمان ولازال شعرها معلّق ، شاهد على ما حدث تلك الليلة .
كبر جدي وبلغ من علمه ما بلغ ، وفي ذات ليلة رآه والدي وهو يدفن شيء ما ، فسأله ماذا تدفن ؟ ، فقال له : ما يجب دفنه منذ ثلاثون سنة ..
في اليوم التالي انتشر الخبر ان الشعر المتدلي من باب المغارة قد اختفى . وفي ليلتها ( ليلة اليوم التالي) حدث انجراف ترابي صخري كبير واندملت المغارة واختفى اثرها عن بكرة أبيها ..

يقول والدي ، أنه وبلا شك ، كان جدي في تلك الليلة يدفن رفاة الفتاة العالقة ، والتي لم يستطع احد استعادتها .

ويبقى الله الأعلم .

اعتذر على الإطالة و إلى اللقاء .

إقرأ أيضاً : قصص والدي 1

guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى