ما بعد موت أبي
كنت أصعد السلالم فواجهت في طريقي أبي و هو يرتدي لباساً أبيض |
كان مريضا بالسرطان و قد كنت أدرس حينها في السنة الرابعة ابتدائي ، ذهبت يومها كعادتي و قبلت رأس والدي فكان يتصبب عرقا ، جلست بقربه و قلت له ” مهما حدث لك لن أنساك ” و بعدها و أنا متوجهة إلى المدرسة و التي كانت مدرسة أبي ، شعرت بصوت داخلي يقول أن إخوتي و أمي يبكون كثيرا ، أحسست أن قلبي حزين كثيرا .. ثم دقت ساعة الدخول للقسم و أنا أتذكر حتى يومنا هذا ، كانت أول حصة لغة فرنسية فجاء الحارس و قال لمعلمتي ” لقد توفي سيدي المدير عيسى ”
قمت من مكاني أرتجف و أقول ” ماذا يقولون ؟؟ من الذي مات ؟؟ ” فأخذني الحارس لمنزلي وهو يقول ” إنا لله و إنا إليه لراجعون ” فرددت ذلك من وراءه ثم ذهبت لبيتي فوجدته الأحزان و البكاء ، أحسست أن العالم توقف حولي فجلست في مكاني ولم أسقط دمعة واحدة ، ثم ذهب بي النعاس .. إذ أني ذهبت في غيبوبة دامت أسبوعا و أنا أصارع الواقع والخيال و رأيت كأني أريد اللحاق بأبي لكنه كان يبعدني و يقول ” لا يا بنيتي لا يزال ينتظرك درب طويل جدا ، عيشي فما زلت صغيرة “
مر على موته أسبوعان و لا أزال أعيش بأمل وجوده و في ليلة ممطرة كنت أصعد السلالم فواجهت في طريقي أبي و هو يرتدي لباساً أبيض ، فقمت أصرخ ثم أغمي علي و حدث لي هذا الشيء عدة مرات و كأن أبي يود أن يقول لي شيئا أو يحذرني من خطر محدق ؟
كثرت تساؤلاتي و جعلتني أدخل حياة مظلمة خرجت منها بصعوبة ، و أنا الآن بصحة جيدة و لكن ما زلت أتساءل ؟
تاريخ النشر : 2016-04-07