عزلة رجل
![]() |
خياله قتله ، نعم قتله وهو غارق في عزلته .
|
اكتب لكم هذه المذكرات وقد قاربت على الستين من عمري ، فقد كنت صاحب خيال واسع وكنت اعشق الكتابة بجانب عملي كطبيب في السابق ، الساعة تدق معلنة انتصاف هذه الليلة ، يا الهي انه ذلك الوقت من كل ليلة الذي ابدأ فيه بسماع تلك الأصوات الغريبة ، ولكنني اعتدت عليها نوعا ما .
- ولكن لحظة من هذا الرجل
- هل نسيتني يا ألبرت ؟ ستجعلني احزن كثيراً واغضب منك الآن .
- معذرة يا سيدي ولكن لا احد يزورني كثيراً مؤخراً ، في الواقع لم يزرني احد على الإطلاق.
- ولكن يا ألبرت أنا لست أحداً ، ألا تتذكرني ؟
وعندها بدأ الرجل الغريب بالاقتراب منى ، وفجأة بدأ كل شيء يتسارع إلى ذهني ... إنها تلك الذكرى التي حاولت أن أنساها أو بالأحرى أن أتناساها ، يا الهي ليست تلك الذكرى مجدداً ...
***
كل شيء كما كان من قبل تلك الليلة المشئومة ، رجعت من العمل كعادتي .
- عزيزتي ماريا.
- ألبرت ؟ لماذا عدت مبكراً من العمل ؟
- ماذا بك يا عزيزتي ؟ ألا استطيع أن أصل مبكراً لكي اقضي اليوم بأكمله مع أبنى العزيز وزوجتي العزيزة ؟
- بالطبع يا عزيزي يمكنك ذلك ، أنا آسفة .
- لا تتأسفي يا عزيزتي وبالمناسبة أين جاستين ؟
- انه نائم ، اتريدنى أن أوقظه لك ؟
- لا يا عزيزتي اتركيه نائم.
- ألبرت ، أريد أن أخبرك بشيء.
- تفضلي يا حبيبتي.
- ما رأيك أن ندعو صديقك توماس إلى العشاء ؟ فهو يا عزيزي السبب في توظيفك في المستشفى .
- بالطبع يا ماريا ، أنها فكرة رائعة ! سأذهب إليه وادعوه الليلة إلى العشاء .
- رائع يا حبيبي ، اذهب إليه الآن وسأذهب أنا لإعداد العشاء .
- حسنا يا حبيبتي .
- مرحبا يا توماس .
- مرحبا يا ألبرت ، كيف حالك؟
- بخير ، ما رائيك أن تأتى لتناول العشاء معنا الليلة ؟
- بالطبع هذا سيكون رائعاً .
وجاء الليل وحضر توماس ، كالعادة-في موعده ، بدأنا في تناول العشاء الضحكات تملأ المكان توماس يداعب جاستين ، ولكن تلك النظرات من توماس إلى ماريا لم تكن تريحني بعض الشيء ، ولكنني حاولت أن اطرد تلك الهواجس من عقلي ، فتوماس صديقي ومن المستحيل أن ينظر إلى زوجتي ، وعندها طرق احدهم على الباب وذهبت ماريا حتى ترى من الطارق ،عندها جاءت و أخبرتني أن هناك عملية عاجلة في المستشفى ، فلم يكن هناك هواتف وقتها ،عندها أخذت معطفي بسرعة وقلت لتوماس : تصرف كأنه بيتك وأنا سأعود بعد قليل ، ولكن يا ليتنى لم اخبره .
***
رجعت من المستشفى و ناديت على توماس وجاستين وماريا ، ولكن لم يجبني احد ، عندها سمعت صوتاً قادماً من غرفة نومي وتمنيت فقط أن أكون اهلوس ، ولكن لم أكن اهلوس .
- توماس : ماريا هل هذا ألبرت ؟
- ماريا : كلا يا عزيزي فهو لن يعود قبل الصباح .
عندها لم اشعر بنفسي وجريت كالمجنون واستليت بندقيتي واقتحمت الغرفة وشاهدتهم معاً توماس وماريا في هذا المنظر المقزز ، وعندها أطلقت النار على توماس في رأسه وأخذت ماريا تتوسل إلي أن ارحمها وأسامحها ، ولكن الرحمة لا تنفع مع هؤلاء وانطلقت الرصاصة من بندقيتي معلنة انتهاء حياة ماريا ، وسمعت الصراخ الشديد حينها انه جاستين وانطلقت إليه مسرعا وكتمت أنفاسه حتى لا يصرخ ، ولكنه مات نعم جاستين مات ، وأنا قتلته .. عندها هربت مسرعاً والدماء تملأ المكان ، وأخذت أسير على غير هدى ، فجأة خطرت لي فكرة لماذا لا اذهب إلى ذلك القصر المهجور على التل ؟ ذلك القصر الذي تخشاه كل البلدة حتى رجال الشرطة يخافون منه بسبب تلك الأشياء الغريبة التي تحدث بداخله . وبالفعل ذهبت فلم يعد لي شيئاً لأخسره بعد الآن ، ودخلت لأعيش بهذا القصر بكل الأحداث المريبة التي فيه ، على أية حال فهي لن تكون كمثل هذا الموقف الذي شاهدته وعشته وقتلى لابني ، وانعزلت عن العالم بأكمله وفقدت الإحساس بالوقت تماما ، فتارة استيقظ على أصوات صراخ وتارة استيقظ لأرى ظلال على حائط الغرفة ، ولكن المرة التي كادت أن تودي بحياتي هي عندما استيقظت لأرى ابني يبتسم ويقول لي : لماذا قتلتني يا أبى ؟ واختفى بعدها ، وانطلقت أفتش عنه في كل القصر ولكنه اختفى فحسب وجلست ابكي والدموع بللت لحيتي التي كادت أن تصل إلى قدمي .
- هل تذكرتني الآن يا ألبرت ؟
- نعم ، أنت تلك الذكرى .
- حاولت أن تهرب منى بخيالك ، ولكن لا يا عزيزي لن تنساني أبداً لقد قتلت جاستين وحان وقتك لكي تموت .
- وأنا مستعد .
لم يعثر أبداً على جثة ألبرت ، ولكن عثر على ملابسه مدفونة في الحديقة الخلفية للقصر ، ولكن من الذي وضعها هناك ؟
ألبرت كان يحب الكتابة وكانت لا توجد حدود لخياله ، ولكن خياله قتله ، نعم قتله وهو غارق في عزلته .
تاريخ النشر : 2016-07-31