أدب الرعب والعام

ثلاثية قصصية للكاتب علي النفيسة

بقلم : علي النفيسة – السعودية
للتواصل : [email protected]

ثلاثية قصصية للكاتب علي النفيسة
شاهد وقوف المهرج مبتسماً بخبث ..

أعزائي القراء ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أسرد لكم ثلاث قصص قصيرة أرجو من الله – سبحانه وتعالى- أن تنال إعجابكم وأني قدمت عملاً يستحق منكم الشكر والإعجاب ، وكم يسعدني ترشيحكم وتقييمكم لها من حيث الأفضلية بالترتيب.

ملاحظة : القصص التي ستسرد قصيرة جداً، لذا لا ينصح لقراء القصص والحكايات والروايات الطويلة قراءتها.

**

حقوق الحيوان

مراهق طائش في السابعة عشر من عمره ، أشتهر بسن مبكر وأصبح من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ، بلغ عدد المتابعين له الملايين ، يظهر في العديد من الاعلانات التجارية..
يرجع السبب في شهرته مقاطعه الفيديوهية الكوميدية والمضحكة التي ينشرها في أحد تلك المواقع والتي نالت إعجاب الملايين من الناس..

مؤخراً بدت تصدر منه تصرفات شاذة عن المألوف على غير ما اعتاد عليه متابعوه.. فقد قام بنشر عدّة مقاطع يظهر فيها تعذيبه للحيوانات أو قتلها حتى يزيد من شهرته :

المقطع الأول :
(كلب مقيّد ملقى على أرض فضاء وسط البنيان. يتجه المراهق بسيارته ذات الدفع الرباعي نحو الكلب ويدهس الجزء السفلي منه مع القدمين ثم يكرر الدهس بالجزء الأوسط منه يصاحبه عواءه الشبيه بالصفير ، ثم يختم الدهس بالجزء العلوي منه حتى فارق الحياة).

المقطع الثاني:
(أرنب مفقوء العينين ملقى على الأرض على جنبه الأيسر يرتعد بشدّة يتبعه صوت ضحكات المراهق).

المقطع الثالث :
(خيل في اسطبل ، يتجه المراهق من خلف الحصان حاملاً مسدس ويصوب باتجاهه، تحديداً نحو أعضائه التناسلية ويطلق طلقة ثم يترنح الحصان من شدّة الألم يصاحبه صرخات صهيله ، ثواني معدودة وفارق الحياة، يتبعه صوت ضحكات المراهق).

المقطع الرابع:
(المراهق ممسك بثعلب صغير في منطقة برية، ويطرحه أرضاً حاملاً بيده اليمنى فأس ، يقطع المراهق الفأس ذيل الثعلب. يترنح الثعلب من شدة الألم يتبعه صوت ضحكات المراهق).

المقطع الخامس:
(ببغاء منتوف الريش مربوط منقاره بشريط لاصق ، ممسكاً المراهق بجناحيه في باحة المنزل ، يقوم بقذفه عدّة مرات صوب الحائط ليرتطم به ، يتبع بعد كل مرة صوت قهقهة المراهق حتى فارق الببغاء الحياة).

المقطع السادس:
(عشة كبيرة للحمام في شبكٍ للقفص بسطح المنزل ، المراهق داخل القفص ممسك بإناء للوقود ويسكب كمية منه على العشة ثم يشعل عليها النار بقداحته ويخرج بعدها مباشرةً من القفص ويغلقه لتحترق العشة وما فيها من بيضٍ وحمام).

المقطع السابع :
(تيس أعمى مخلوع العينين يرتطم بين الجدران كالحيوان الهائج في باحة المنزل يتعبه صوت قهقهة المراهق).

المقطع الثامن :
(المراهق حاملاً قِدر به ماء مغلي في مطبخ المنزل ، يسكب المراهق الماء المغلي على قفص صغير يحتوي مجموعة صغيرة من الفئران يصاحبه صوت النميم الصادر منهم ثم يتبعه صوت ضحكات المراهق).

المقطع التاسع :
(قطة داخل قفص صغير على رصيف الشارع. يسكب المراهق عليها الوقود من خلال إناء مُعبّى به ثم يشعل عيلها النار بقداحته ، تطلق القطة صرخة أقرب إلى صرخة امرأة ، الصرخة عالية ومزعجة جداً جعلت المراهق يرمي الإناء والقداحة ويغلق أذنيه بكلتا يديه مع حالة من الذُعر اعترته).

أثارت المقاطع التي نشرها هذا المراهق ضجة إعلامية وجدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، خصوصاً المقطع الأخير الذي تضمن حادثة غريبة وهي صرخة امرأة صادرة من قطة ، والذي سبب الذعر للملايين من الناس ، وبسبب تلك الحادثة تم نقلها وتداولها عبر وسائل الاعلام والتلفاز.. كما أثارت المقاطع حفيظة العديد من المتابعين ..

انقطعت أخبار المراهق بعد الضجة التي تسبب بها وكذلك نشاطاته الفيديوهية على غير العادة ، مما أثار ذلك فضول العديد من المتابعين وأصبحوا يتساءلون عن سبب انقطاعه عبر تلك المواقع..

بعد أسبوع من المقاطع التي أرسلها المراهق ورد خبر في أحد مواقع التواصل الاجتماعي يفيد بأنه تم نقله إلى مصحّة عقليه بعد أن قام بقطع لسانه بسكين حاد وحاول الانتحار!..

النهاية..

**

غضبُ الغضب

بهجة..
حُبُور..
فرحة..
سرور..
سعادة..
جميعها كلمات لا تكفي لوصف شعور أبوين حينما يرزقان بمولودهما الأول بعد عناء السنين.. عناء عقم دام أكثر من تسع سنوات..
الأب ذو الجسم الرياضي مفتول العضلات يشاهد ابنه الرضيع بجوار أمه في غرفة المستشفى وهو في قمة البهجة والحبور الذي يخالطه شعور بالذهول وعدم التصديق بسبب اليأس الذي انتابه في السابق ، تشارك فرحته الأم التي ترقرقت دموعها وهي تلتفت على جنبها الأيمن مشاهدةً ابنها الرضيع مغمض العينين..
(الأب) وهو يشاهد ابنه : ” أجمل لحظات حياتنا ونحن نشاهد طفلنا أمامنا ” .
(الأم) وهي تمسح دموعها من على وجنتيها : “معك حق “.

بمناسبة مولودهما أقام الأب عدّة مناسبات منها حفلة في النادي الرياضي الذي يعمل به مدرباً في صالة الحديد ..
تمت تربية الطفل بدلال جداً باعتبار أنه مولودهم الوحيد ، لذا هما يحرصان كل الحرص على الاعتناء به وعدم ابكائه وتلبية جميع رغباته بشكل مبالغ فيه جداً..

بعد مضي أربع سنوات وتحديداً في المساء.. يدخل الأب ممسكاً بيد ابنه مدينة الملاهي ، الطفل فاغر فمه وهو يشاهد ألعاب الملاهي والإضاءات الصادرة من اللعبة الشهيرة دولاب الهواء (عجلة فيريس).. ويبتسم له الأب عندما شاهد تعابير وجهه..
يستمتع الأب وابنه بلعبة سيارة التصادم ، وبعد انتهائهما من تلك اللعبة ذهبا عند ركن بيع الفوشار والحلويات..
الابن يبتسم وهو يستلم الفوشار من أبيه ، وأثناء ذلك ، مر بجوارهما بشكل مفاجئ رجل بزي مهرج.. رداء أخضر وأنف وشعر أحمرين مع مكياج أبيض فاقع على الوجه .

المهرج بشكله أفزع الطفل مما جعله يبكي ويسقط منه الفوشار متناثراً على الأرض ، لم يتمالك الأب أعصابه من ذلك الموقف ، لذا أمسك بالمهرج وشده بلباسه موبخاً أياه..
(الأب) بوجه متهجّم:” لقد أفزعت الطفل”.
(المهرج): “لم أقصد ذلك يا سيدي”.
المهرج حاول الاعتذار باعتبار أن ذلك التصرف الذي صدر منه كان دون قصد ، إلاّ أن الأب لم يقتنع بذلك ، فقد انهال عليه بتوجيه اللكمات وطرحه أرضاً ، حاول المهرج الدفاع عن نفسه وهو على الأرض مع استمرار الأب بتوجيه اللكمات عليه ، والطفل يشاهد العراك باكياً وسط تجمع العامة..

اضطر المهرج إلى أن يخرج من جيبه بخاخ ورشه ليخرج منه مسحوق أخضر اللون في وجه الأب ، أحس الأب بدوار بسيط وهو على حاله طارحاً المهرج الأرض ثم بعد ذلك تدخل رجال الأمن للتفرقة بينهما وقمع الموقف..
المهرج مستلقي على الأرض يبتسم بخبث رغم أن أنفه ينزف دماً وهو يشاهد إبعاد الأب عنه من قبل رجال الأمن ، يبادله الثاني بنظرات الحقد وهو يمسح بكُمه بقايا المسحوق من وجهه..
أصبح بعد ذلك الوضع طبيعياً واستمر الأب بترفيه ابنه في ألعاب الملاهي ..
لكن بين لحظة وأخرى بدأ يشعر الأب بصداع يصاحبه صوت صدى ضحكات المهرج متكررة.. ويبدو أن تلك الحالة بدت تتفاقم معه نوعاً ما .
ففي اللعبة الشهيرة (دوامة الخيل) العازفة للموسيقى، و حينما يلوح الأب بيده مبتسماً لابنه الراكب للخيل الالكتروني ، لفت انتباه من خلف الأحصنة بالجهة المقابلة وقوف المهرج..

أغمض الأب عينيه بسبب عودة الصداع وصوت يتردد في ذهنه “ثلاث ساعات”، وعندما فتحهما شاهد وقوف المهرج مبتسماً بخبث مشيراً بأصابع يديه إلى الرقم ثلاثة .. أغمض عينيه مرة أخرى لشدة ألم الصداع مع تكرار صوت صدى ضحكات المهرج في ذهنه ثم فتحهما ليجد المهرج مختفياً وحل محله مجموعة من البالونات المتصاعدة..

تكرر ظهور المهرج للأب أكثر من مرة وكذلك حالة الصداع وصوت الضحكات لكن الأب تغاضى عن كل ذلك حتى لا يفسد متعة ابنه..

بعد الانتهاء من ألعاب الملاهي وحينما كان الأب عائداً مع ابنه بسيارته إلى البيت، ففي أثناء الطريق استأنفت عليه نوبة الصداع مرة أخرى فأغمض عينيه وصوت يتردد في ذهنه ” ساعتين فقط” ثم يتبع تلك العبارة صوت ضحكات المهرج، وعندما فتحها لفت انتباهه وقوف المهرج مبتسماً وهو ممسكاً ببالون أحمر على رصيف الشارع بالجهة المقابلة مشيراً بيده الأخرى رقم اثنين.. لم يتمالك أعصابه هذه المرة لذا ركن السيارة على جانب الشارع ونزل منها حتى يؤدب المهرج إلا أنه وجده مختفياً وحل محله مجموعة من البالونات المتطايرة..

اعتقد الأب أن ما رآه كان من وحي الخيال ، لذا أسند ظهره للسيارة وأطلق تنهيدة من شدة التعب والإرهاق ، وبراءة الطفولة الراسمة على وجه طفله الذي يلعق البوظة مشاهداً أبيه من داخل السيارة..
مسافة الطريق ويركن الأب سيارته ويدخل هو وابنه البيت ، يُجلس ابنه على الأريكة و يُشغل التلفاز المقابل لها، ومن ثم يدخل الحمام ويغلق على نفسه..

يصدر الأب تنهيدة طويلة وهو يشاهد ملامح وجهه في المرآة ، أدار صنبور الماء ، وقف متسمراً لدقائق وهو يشاهد خروج الماء من الصنبور ، ثم يغسل وجهه بالماء بهدوء..
في البيت بدت تطرأ له أمور أشد غرابة ومن نوع آخر ، تختلف عما جرى في مدينة الملاهي.. ففور أن رمق وجهه في المرآة مرة أخرى تجمدت دمائه من شدة الهلع ، فقد لاحظ وجود مسحوق أبيض اللون على وجهه مع أنف دائري الشكل بلون أحمر..

ينتفض الطفل وهو في مكانه على الأريكة بسماع صوت كسر المرآة أثناء مشاهدته للتلفاز..
يأخذ الأب إحدى قطع المرآة المكسورة من الأرض ويعاود مشاهدة ملامح وجهه ليجدها أنها عادت على طبيعتها..
الأب وهو يضع يده على جبينه مغمض العينين: “ماذا جرى لي.. لستُ طبيعياً”.

يخرج الأب من الحمام وعلامات الإعياء تظهر عليه، ومن ثم يجلس مسترخياً بجوار ابنه على الأريكة، وهو يقلب قنوات التلفاز من خلال الجهاز التحكم تارة ً، ويداعب ابنه تارة ًأخرى..
بعد قرابة نصف ساعة من مشاهدته للتلفاز والضحك والاستمتاع بين الطرفين..
تقلصت عضلات الأب في جبهته من سلوك المذيع في النشرة الإخبارية .. فقد لاحظه بعد نهاية كل جملة يلقيها يقهقه ، أغمض الأب عينيه بسبب استئناف نوبة الصداع..
(الأب): “ليس مجدداً”.
يفتح الأب عينيه ليجد مذيع التلفاز بشعر وأنف أحمرين يردد مبتسماً عبارة “ساعة واحدة فقط”..
كان ردة فعله إزاء ذلك الموقف أنه أغلق التلفاز مباشرةً.. أطلق تنهيدة ثم ابتسم لابنه الذي يشاهده بقمة البراءة والطفولة..

(الأب) : “حان وقت النوم يابني”..

ثلاث ساعات مضت..

الأم تدخل البيت بعد زيارتها لجارتها في البيت المجاور ، تنادي زوجها وابنها وقد جاوبها الصمت ، تلقي نظرة إلى غرفة ابنها لتجده غارقاً بالنوم ثم تبتسم وهي تهم للذهاب إلى غرفتها لتطمئن على زوجها ، دخلت الغرفة لتجد زوجها مستلقٍ على شقه الأيسر وظهره مدار لها..
تسأله (الأم):
” عزيزي ..كيف كانت جولتكم في مدينة الملاهي.. هل استمتعتم؟”
(الأب): ..
لم يأتها الرد ..

تدخل الحمام للاستحمام مع شعور بالاستغراب يتخللها ، قطّبت حاجبيها بمشاهدة قطع المرآة المتناثرة..

ربع ساعة مضت..

تجفف الأم شعرها بالفوطة وهي خارجة من الحمام..
تستفسر من زوجها عما شهدته في الحمام..
(الأم): “عزيزي هل أنت كسرت المرآة”
وقد جاوبها الصمت مرة أخرى..
تزفر لشعورها بالقلق ، فهي لم تعتد أن ترى زوجها وهو على هذه الحالة ، حاولت إيقاظه بتحريكها جسده حتى أصبح مستلقياً على ظهره..
صرختها المفجعة بمشاهدة ملامح وجه زوجها.. وجدته فارق الحياة بابتسامة عريضة مرسومة على فمه وأعين جاحظة مفتوحة.

النهاية..

**

خواطر و مخاطر

(ابتهال) امرأة تعمل مرشدة طلابية في إحدى مدارس البنات لدولة من دول الخليج العربي ، لها أكثر من سبع سنوات وهي تعمل بهذه المدرسة منذ تخرجها من الجامعة.. امرأة نشطة وجديّة تعمل بأمانة و إخلاص ، بالإضافة إلى طيبة قلبها .

ففي وقت من الأوقات وتحديداً وقت المدارس والعمل الرسمي ..
ترفع (إبتهال) سماعة هاتف العمل للاتصال بوالدة طالبة في الصف الثانوي..
(إبتهال): السلام عليكم..
(والدة الطالبة): وعليكم السلام..
(إبتهال): أم حنان؟
(والدة الطالبة): نعم..
(إبتهال): معكِ ابتهال ، مرشدة طلابية للمدرسة التي تدرس فيها ابنتك حنان..كيف حالكم..
(أم حنان): حياك الله أستاذة ابتهال.. الحمد لله..
(إبتهال): هل يمكنك زيارتنا في المدرسة.. أرغب في مناقشتك حول موضوع معين يتعلق بمستوى ابنتك الدراسي..
(أم حنان):ما الأمر؟..
(إبتهال): نلاحظ تدني بشكل كبير في مستوى حنان الدراسي..
(أم حنان) مع شعور بالضيق: أعلم ذلك وأنا أعمل على تحسين مستواها مؤخراً..
(إبتهال): لكن يا أم حنان تدني مستواها الدراسي بدأ يتفاقم ولا نلاحظ تطور ايجابي في الموضوع.. لذا أرغب منك فضلاً وليس أمراً زيارتنا في المدرسة.. هناك شيء مهم أرغب في أن أريكي إياه..
(أم حنان): ما هو ؟
(إبتهال): أفضل أن أريكِ إياه عند زيارتك لنا.. أعتقد أنه هو السبب في تدني مستوى ابنتك..
(أم حنان): حسناً مسافة الطريق وأصلكم بإذن لله..
(إبتهال): ممتاز أنا بانتظارك..

ساعة مضت حتى تنزل (أم حنان) من السيارة وتدخل المدرسة لتقابل المرشدة الطلابية..
تصافح (أم حنان) (إبتهال)..
(إبتهال): حياكِ أم حنان استريحي..
(أم حنان): شكراً..
(إبتهال): ماذا تحبين أن تشربي ؟
(أم حنان): لا شكراً..
(إبتهال): لا أنتِ ضيفتنا ونريد إكرامك..
(أم حنان): حسناً قهوة تركية من فضلك؟
(إبتهال): كيف تريدين مستوى السكر؟
(أم حنان): بدون سكر..
(إبتهال): بكل سرور..

تتصل (إبتهال) بالعاملة وتطلب منها تجهيز كوبين من القهوة التركية بدون سكر..

(أم حنان): طلبتِ مقابلتي بشأن مستوى ابنتي الدراسي..
(إبتهال): نعم لا أحب أن أطيل عليك لذا سأدخل في الموضوع مباشرةً..
(أم حنان): تفضلي قولي ما الأمر..
(إبتهال) وهي تأخذ نفس عميق: خير إن شاء الله.. لكن أود أن أسألك سؤالاً: أتعلمين ما سبب تدني مستوى ابنتك في الدراسة؟
(أم حنان): حنان تدهورت نفسيتها بسبب استهزاء زميلاتها بسمنتها..
(إبتهال): لا أعتقد ذلك.. أو حتى أكون دقيقة هذا ليس السبب الرئيسي..
(أم حنان) باستغراب: إذا ماهو السبب؟

تحضر العاملة كوبي القهوة التركية لهما..

(إبتهال) وهي ترشف فنجان القهوة: المعلمة (هيام) معلمة الرياضيات..
(أم حنان) وهي تشاركها نفس الحالة: ما بها؟
(إبتهال): أبلا هيام أثناء تصحيحها لدفتر الواجبات الخاص بابنتك..
قاطعتها (أم حنان): أعلم تدني علامتها في الرياضيات كعادتها.. لقد اخبرتني المعلمة بذلك..

(إبتهال) وهي تخرج دفتر الواجبات وتسلمها (للأم حنان): لا ليس هذا السبب.. المعلمة هيام وجدت في آخر الصفحات للدفتر مجموعة من العبارات الغريبة بخط ابنتك.. كلمات وعبارات مبعثرة أقرب لها ماتكون خاطرة..
(أم حنان) وهي مندهشة تقلب الصفحات الأخيرة للدفتر.. وقفت متسمّرة لبعض العبارات..

بعضٍ منها:
” ظلام دامس في مكان حابس..
أطياف سوداء في غرفتي .. يكسو الظلام أرجائها..
أصوات في الغرفة تنادي اسمي بهمس..
يلامس أطراف قدمي مستمراً بالصعود إلى المناطق الحساسة المحظورة.. شعور بالخوف ينتابني لكن لا أدري لدي رغبة في استمراره..
أخشى الذهاب للحمام للاستحمام حتى لا يرى جسدي..
لاأشعر بالوحدة دائماً..
وجوده في الليل يختلف عن وجوده بالنهار..
زميلاتي يستهزئن بي بسبب سمنتي لكن معه لا يشعرني بذلك..
يداعبني أحياناً بسحب وسادتي طوال الليل..
حرارة اللهب تدفئ جسدي..
أشعر بأنه يجري خلفي عند ذهابي للمطبخ لأروي ظمئي بكوب ماء..
لا أنكر بغضي لليل لكنني اعتدت عليه..
أصبحت أعشق منتصف الليل حتى يختلي بي..
نسمات هواء نافذتي أسمعها بوضوح أكثر من قبل..
افتقد ملابسي.. يحتفظ بها للذكرى.. يعشق رائحتي..
أنفاسه الساخنة تداعب عنقي.. يعبث بخصلات شعري ..
رائحة الحريق لم تعد تزعجني..
دبدوبة.. هذه الكلمة اعتدت سماعها من زميلتي (مها).. أفكار شيطانية تروادني تجاهها.. فكرة سم الفئران هي هاجسي كل ما أفكر بها..
شعور الاغتيال قد يكون مدوي للنفس يشفي غليلها..
جدتي المتوفاة تبتسم لي بوجه شاحب..
لا أبالي بدراستي.. هو كل شيء بحياتي..
شعور جميل واحساس ليس له مثيل والسكين في يدي..
روح الظلام منحت الإذن لامتلاك الجسد.. ينتظرني في الجحيم..
فهل يخبرني أحد لماذا أنا سعيدة..” .

النهاية..

تاريخ النشر : 2018-05-05

علي النفيسة

السعودية
guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى