تجارب ومواقف غريبة

غرائب من عالم الحيوان ٢

بقلم : امرأة من هذا الزمان – سوريا

أن الضبع اذا تبول على الإنسان مباشرة أو تبول على ذيله ورش الإنسان فإنه يفقده عقله
أن الضبع اذا تبول على الإنسان مباشرة أو تبول على ذيله ورش الإنسان فإنه يفقده عقله

السلام عليكم أعزائي رواد موقع كابوس ، كنت قد وعدتكم بجزء ثاني من غرائب عالم الحيوان واليوم سأفي لكم بوعدي من خلال قصتين جديدتين وغريبتين أتمنى أن تعجبكما ، لنبدأ ، بسم الله الرحمن الرحيم .

القصة الأولى :

حدثتكم في الجزء الأول من المقال عن عربيد (قرية النصارى) الضخم واليوم سأحدثكم عن قصة ثانية عن نفس العربيد في نفس المنطقة ، ولكن هذه المرة حدثت القصة لراعي من البدو الرحل و نسميهم في منطقتنا العربان ، وهم رعاة غنم لقطعان مؤلفة من مئات وآلاف الأغنام والماعز يأتون كل صيف بعد حصاد مواسم القمح والشعير ليرعوا بأغنامهم و في الشتاء يعودون إلى محافظاتهم ، وعن القصة فتتحدث عن راعي في الخمسينات من عمره كان قد قدم من محافظة الرقة وبنى لنفسه و لعياله بيت شعر قريباً من قرية النصارى ، ولأن البدو في الأصل يعيشون في الصحراء ويرون من الأهوال ما تشيب له الولدان فما كانت أحداث أهل تلك القرية لتخيفهم ،

خرج يوماً يرعى بغنمه و وصل إلى المرعى في إحدى الأراضي الزراعية المحصودة ، اتكأ على صخرة كبيرة وكلابه بجانبه وحماره وكان الغنم يسرح ويأكل وفجأة لمح نعجة واقفة على هضبة بعيدة عن القطيع فقصد موقعها ليعيدها قريبة من باقي الغنم ولكنها كانت تركض و هو يركض خلفها ، و يا للهول فقد وقع في حفرة عميقة مظلمة تتخللها بعض أشعة الشمس كانت مغطاة ببعض الأغصان وبقايا أكياس التبن ولذلك تعذر عليه رؤيتها ! ظن أنه لوحده ولكن سمع صوتاً يعرفه جيداً جمد الدم في عروقه ، إنه فحيح أفعى ! و زحف جسمها على التراب ، أدار وجهه ليرى منظراً لن ينساه في حياته ، لقد كانت أفعى سوداء ضخمة ملتفة حول نفسها و ها هي في مواجهته ، عرف الراعي أنه هالك لا محالة و راح يصرخ ويصرخ ولكن لا مجيب ، لم يقترب العربيد منه وبقي على حاله وهو ينظر إلى عينيه وكأنه يطمئنه أنه لن يؤذيه ، تعب الرجل لشدة صراخه وخوفه وحل الظلام ولا مجيب فجلس في قعر الحفرة لا يبعده عن العربيد إلا خطوتين و راح ينطق الشهادة بقلبه وهو يظن بأن العربيد سيفترسه ما أن يغط في النوم ، ولشدة تعبه وإعيائه نام ولم يوقظه إلا زخة من الماء رشت على وجهه فانتفض مذعوراً ونظر حوله  فإذا بالفجر قد حل ونظر فكان صديقه ما زال مكانه ملتفاً حول نفسه و رأسه مرفوع إلى الأعلى ويشرب من الماء الذي ينزل إلى الحفرة ، بقي الماء لثواني معدودة ثم توقف بعد أن شرب العربيد والراعي ، و فجأة إذا به يرى ورقتين من أوراق شجر التوت مع أنه غير موجود بكثرة في محافظتنا نظراً لطبيعتنا الصحراوية ،

كانت الورقتان كبيرتين وشديدتي الخضرة واللمعان وقعت الورقتان بهدوء في الحفرة فالتقم العربيد إحداها ودفع الأخرى لصاحبه ، خاف الرجل في البداية ثم توكل على الله ومد يده و أكلها ، ثم جلس مقابلاً للعربيد وبقيا هكذا حتى المغرب ، ومرة أخرى وبقدرة الله سالت مياه باردة في الحفرة فشربا حتى ارتويا ونزلت ورقتا توت جديدتين وكالصباح قاسم العربيد الراعي رزقه وبقي على حاله هذه ما يقارب ٥ أيام ، حتى سمع أصوات رجال ينادونه و يبحثون عنه ، فراح يصرخ و يصرخ حتى رأوه وعرفوا مكانه وأنقذوه وكان معهم أبنه الشاب ، وعندما نظر في الحفرة و رأى الأفعى الضخمة أخرج سلاحاً كان معه وأراد قتل العربيد ، ولكن الأب أوقفه فوراً وقال له  أن هذا العربيد كان سبب نجاته وأن له معجزة تحدث معه فالله يطعمه ويسقيه كل فجر ومغرب و روى لهم ما حدث معه في الأيام الماضية ، فأحضر أبنه شاة وذبحها ورمى لحمها للعربيد ، وقد نظم الراعي قصيدة تحكي قصته مع العربيد وذكر فيها عن الأمان الذي أحسه من هذا الوحش وعن لذة ورقة التوت تلك حيث لم تكن بنكهة الورق المعتادة ،  و أصبحت القصيدة على كل لسان ، أخبره أبنه أنهم وعندما حل المغرب ولم يعد جاؤوا إلى المرعى و رأوا أغنامه قد انتشرت وكلابه تعوي وتجمعها وظنوا أن الذئاب قد افترسته ، و بدأت منذ صباح اليوم التالي رحلة بحثهم عنه حتى وجدوه وسمعوا منه هذه المعجزة الغريبة ، فيا ترى ما هو هذا العربيد ، و لماذا بقي في الحفرة ؟ ومن هو الكائن الذي سخره الله ليرسل للعربيد رزقه وقوت يومه وهو في غياهب الجب ؟ تبقى الإجابة عند الله.

القصة الثانية:

بطل قصتنا هذه هو الضبع ، حيث يقول كبار السن في سوريا بمختلف محافظاتها ومدنها بأن الضبع اذا تبول على الإنسان مباشرة أو تبول على ذيله ورش الإنسان فإنه يفقده عقله فيظن الرجل بأنه ضبع ويلحق بالضبع إلى وكره ليفترسه هناك ، تقول الخالة أم مروان أنها كانت شابة صغيرة وكانت تعمل مع أهلها في بستانهم لتأمين قوتهم ، و في صباح كل يوم كان أبوهم ينبهم من الضباع و أنهم إن رأوا أحدها فليركضوا بكل سرعتهم وإلا سيضبعهم الضبع وذلك لحصول عدد كبير من حالات اختفاء مجهولة السبب لفلاحين في الريف ، فقرر أحدهم وهو (قبضاي) استطلاع ما يجري و راح يراقب الفلاحين والبساتين ليل نهار حتى رأى ضبعاً يأتي من الجبال في إحدى حقول برزة فاقترب الضبع من الفلاح بهدوء وبال عليه بسرعة في غفلة منه واذا بالضبع يمشي والفلاح يمشي ورائه مرة على رجليه ومرة على أربع وكأنه منوم مغناطيسياً والضبع يقوده إلى الجبل  و طبعاً القبضاي يراقبهم بهدوء ، وعندما وصل الضبع إلى كهف في الجبل والرجل ورائه واذا بالضبع يهجم ليأكل الفلاح المسكين وهنا قفز القبضاي اليه وتعارك معه حتى استطاع أن يربطه واتجه فوراً إلى الفلاح واذا به مغيب تماماً عن الدنيا وعيناه فارغتان من أي مظهر للوعي أو لمعان وكأنه في عالم آخر ،

فحملهما معاً على كتفيه وأعادهما إلى القرية و أخذهما مباشرة إلى كبيرها الذي قال : إن هذا الضبع كان يضبع الفلاحين ببوله ويستدرجهم و يأكلهم و أما الفلاح هذا فلن يعود لوعيه حتى يموت الضبع ، فقتلوه وعاد الفلاح إلى الوعي و راح : يسأل أين أنا وما الذي حصل معي ؟ فأخبروه القصة وشكر الله الذي أنجاه على يد ( قبضاي الضيعة).

فهل عندك عزيزي القارئ في منطقتك ما يشبه مقولة ( أن الضبع يفقد الإنسان عقله اذا تبول عليه) ؟.

سأكتفي بهذه القصتين وإن شاء الله ألتقيكم في مقال قادم وقصص غريبة ومنوعة من غرائب عالم الحيوان والنبات والأنس ، ودمتم سالمين.

تاريخ النشر : 2019-12-30

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى