أدب الرعب والعام

Game over

بقلم : نوار – سوريا

Game over
رمت قبعتها و استلقت على السرير و أمسكت بهاتفها …
عادت السيدة ليندا من الحفلة بعد منتصف الليل ، دخلت غرفة النوم واستغربت أنها لم تجد زوجها في السرير ، فهو بالعادة لا يحب السهر .
غيرت ثيابها و نزلت لغرفة المكتب و هي تحدث نفسها .. ربما سأجده في مكتبه ، لعل لديه عملاً هاماً جعله يسهر لهذا الوقت !!
فتحت الباب و ما كادت تفعل حتى وقعت عيناها على منظر جعلها تصرخ صراخاً متواصلاً جاءت على إثره الخادمة فزعة و لكن فزعها تحول إلى رعب هائل عندما رأت ما رأته سيدتها .. فقد كان السيد هيلمان مسجى وسط الغرفة و هو يسبح في بركةٍ من دمائه …

** ** **

تناول المحقق لوك فنجان القهوة للمرة الثالثة من يد الخادمة ايميلي و هو يقول :
– ألم تهدأ سيدتك بعد ؟
– كلا سيدي المحقق ، لا زالت تبكي و لا تريد أن ترى أحداً .
– حسناً .. اجلسي و أجيبيني عن بضعة أسئلة ..

و جلست أيميلي و قد بدأت تحس بالتوتر لا لشيء فقط لأنها ستتعرض للاستجواب من قبل محقق في جريمة قتل ..

– منذ متى تعملين عند السيد جون هيلمان ؟
– منذ ثلاثة أشهر
– هل يوجد غيرك يعمل هنا ؟
– نعم .. يوجد خادمة أخرى تدعى كريستين و أيضاً طباخة تدعى أماندا ..
– هل لك أن ترصدي لي تحركاتك من الساعة السابعة مساءً و حتى هذه اللحظة ؟
– نعم سيدي .. قمت ببعض الأعمال في المنزل و .. و ..
– و ماذا ؟ .. أكملي ..
– في الحقيقة سيدي استغليت فرصة غياب سيدتي ليندا عن المنزل .. كنت أعلم أنها ستتأخر في الحفلة لذلك بعد أن أنهيت أعمالي استأذنت السيد هيلمان و خرجت مع صديقي و ذهبنا للسينما و عدت في الحادية عشر تقريباً و كان المنزل هادئاً فرجحت أن سيدتي لم تعد بعد و أن سيدي خلد للنوم .. فذهبت أنا الأخرى إلى غرفتي ولم أخرج منها إلا على صراخ السيدة ليندا ..
– و بكل بساطة سمح لك سيدك بالخروج ؟!
– نعم .. أنت لا تعرفه ، لقد كان رجلاً كريماً و متفهماً لذلك لم يمانع خروجي .
– حسناً ، ألم تلاحظي أي تغيير على سيدك في الفترة الأخيرة ؟
– لا أبداً .. هو بطبعه يميل للصمت و الغموض أحياناً ، لكني لم ألاحظ بأنه تغير
– هلا ناديتِ على كريستين و .. أماندا ؟
– سيدي ، الطباخة أماندا لا تقيم في المنزل ، تأتي في الصباح و تقوم بأعمال الطبخ و في المساء تعد العشاء و تذهب إلى منزلها ..
– و كريستين ؟
– كريستين غادرت هذا الصباح إلى قريتها ، فقد تعرضت أمها لأزمة قلبية ، لذلك سمح لها سيدي بالمغادرة .
– هكذا إذاً .. لقد عرف القاتل كيف يختار توقيت جريمته !!
على كل حال اذهبي إلى سيدتك و قولي لها أني لن آخذ من وقتها الكثير .. بضعة أسئلة فقط
و نهضت أيميلي متجهةً إلى سيدتها ، فالتفت المحقق إلى مساعده و قال :
– يبدو أننا أمام جريمة غامضة ..

نزلت السيدة ليندا إلى الصالة بهدوء و جلست قبالة المحقق ، كانت عيناها محمرتان من شدة البكاء و نظراتها ساهمة ..
سألها المحقق بعد أن قدم لها التعازي :
– منذ متى وأنت و السيد هيلمان متزوجان ؟
– منذ سنة و نصف تقريباً
– ألم تلاحظي أي تغيير على زوجك في الآونة الأخيرة ؟
– لا .. أبداً لم يتغير به شيء !! كان كما عرفته دائماً …أوه يا إلهي ، و عادت للبكاء
لكن المحقق لوك لم يهتم لبكائها و استمر في أسئلته :
– سيدتي .. ألم يكن للسيد هيلمان أي عداوة مع أي شخص ؟
توقفت ليندا عن البكاء و التفتت إليه قائلة :
– عداوات ؟! .. لا أعرف ، أقصد أنه كما تعلم فهو رجل أعمال معروف و ناجح في أعماله و طبيعي أن يكون له منافسيه ..
– سيدتي .. أنا أقصد أنه ألم يتشاجر مع أحد ما أو تلقى تهديدات من أي نوع ؟؟
– لا أظن ذلك .. حسب علمي أنه لم يحدث شيء من هذا ، لكني لا أستطيع الجزم لأنه رحمه الله كان غامض في عمله و لا يحب أن يتدخل أي أحد فيه ..
– أين كنتِ فيما بين الساعة السابعة و منتصف الليل ؟
– و لم تسألني هذا السؤال ؟ هل أنا متهمة ؟!
– لا .. العفو ، هذا سؤال روتيني أسأله لكل شخص له علاقة بالضحية ، و قد حدد الطبيب الشرعي مبدئياً وقت الوفاة فيما بين الساعة السابعة مساءً و منتصف الليل ..
– حسناً .. كنت في السابعة أضع اللمسات الأخيرة على زينتي و بعدها ذهبت للحفل و لم أعد حتى وقت متأخر .
– آه .. عدت بعد منتصف الليل و أنت من اكتشف الجريمة ، لكن هل لي أن أعرف أين كانت الحفلة ؟

هنا ثارت السيدة ليندا قائلة :
– إذاً أنت تشك بي !! و لم أقدم على قتل من أحبني و عطف علي و آواني ؟!
أنت لا تعرف ماذا كان جون بالنسبة لي ، لقد كان أباً و أخاً و زوجاً و حبيباً ، عشت كل عمري يتيمة فقيرة أبحث عن عمل يحفظ لي كرامتي و يغنيني عن طلب العون من الغير ،
رآني في المطعم الذي كنت أعمل فيه نادلة و انتشلني من حياة الذل و المهانة التي كنت غارقة بها ، فهل تظن أنه بعد كل هذا أقدم على قتله ؟؟! أي مجنونة أنا !!
و عادت للبكاء ..
هدأ المحقق من روعها و اعتذر منها و أكد لها أنه لا يشك بها ، لكن متطلبات التحقيق تجبره على التأكد حرفياً من كلام جميع الشهود و ليس هي فقط ..
فوافقت بعد أن تمالكت نفسها على إعطائه عنوان الحفل و أسماء أصحاب الدعوة ..

** ** **

دخل المحقق لوك إلى مكتبه في اليوم التالي يتبعه مساعده ، رمى بسترته على الأريكة بعصبية و جلس خلف المكتب و قال :
لقد سدت أمامنا جميع الطرق قبل أن نبدأ .. فالسيدة ليندا كانت كل الوقت في الحفل ولم تغادر مكانها ، ثم مشهود لها من الكل بأنها كانت تحب زوجها و متفانية معه .
و الخادمة ايميلي أيضاً كانت مع صديقها و عمال السينما يشهدون بأنهما لم يغادرا القاعة حتى نهاية الفيلم ، و الخادمتان الباقيتان لم تكونا في المنزل ، و فوق كل هذا فإن السيد جون هيلمان رجل أعمال ناجح ، لا غبار في أعماله ، و لم يكن يختلط بالناس كثيراً فهو يحب العزلة و مع هذا فقد كان محبوباً من الجميع ، حتى منافسيه يحترمونه ، إذاً من هذا الذي أقدم على قتله .. من ؟؟
أجاب مساعده :
– معك حق سيدي ، إنها جريمة غامضة و محيرة ، لكننا يجب أن نجد الدافع أولاً قبل البحث عن القاتل .
– نعم .. الدافع الوحيد الظاهر هو طمع زوجته بثروته لكن لا نملك دليلاً على هذا ، فهي كانت مستمتعة بكنفه و لم يحرمها من شيء و تصرفاتها لا شبهة بها ، أكاد أجن من شدة التفكير .

** ** **

انتهت جلسة التحقيق الأولية للجريمة و قد قيدت القضية مبدئياً ضد مجهول ..

عادت ليندا متعبة من جلسة التحقيق ، صعدت إلى غرفتها و أوصدت الباب جيداً خلفها .
استلقت على السرير بعد أن رمت بقبعتها جانباً و تنهدت بارتياح ثم أخرجت هاتفها و ضغطت على رقم معين و بدأت بالتكلم .. من يسمعها الآن و هي تتكلم لا يصدق أنها هي نفسها من انهارت منذ قليل في جلسة التحقيق ذارفةً الدموع الحارة على مقتل زوجها !!
تكلمت قائلةً :
ـ مرحباً مارتن .. هذه أنا ليندا ، أكلمك من رقمي الجديد لأني أخشى أن يكون رقمي القديم مراقباً
– أوه .. أهلاً بك حبيبتي ، ما هي آخر الأخبار ؟
أطلقت ليندا ضحكة قصيرة ثم قالت :
– لا شيء يدعو للقلق ، لقد قيدت القضية ضد مجهول
– هذا جيد ، لكن التحقيقات سوف تستمر
– اطمئن .. لقد أتقنت دور الزوجة المفجوعة بفقدان زوجها جيداً ، ولا أحد يشك بي ، ثم أنه لا أحد يعلم بوجودك ، أنسيت أننا كنا حريصين على إخفاء علاقتنا و لا أحد يعلم شيئاً عنها ؟!
– لا .. لم أنس ذلك ، لكني لا أستطيع منع نفسي من القلق ، فهذه المرة الأولى التي أقدم بها على قتل شخص ..
– عزيزي .. لا تذكر هذا حتى مع نفسك ، ثم أن الثمن يستحق ما أقدمنا عليه أليس كذلك ؟ فبعد أيام سوف تنتقل ثروة جون كلها إلي و سوف نتزوج و نستمتع بالثروة معاً بعد أن أزحنا ذلك العجوز عن طريقنا
– نعم .. كم أتوق لذاك اليوم
– إنه قريب .. قريب جداً

** ** **

بعد بضعة أيام تلقت ليندا مكالمة من محامي السيد جون هيلمان طلب فيها رؤيتها لأمر هام ..
سارعت ليندا إلى ارتداء فستان أسود و نظرت إلى نفسها في المرآة و اطمأنت إلى مظاهر الحزن الزائفة التي رسمتها على وجهها و نزلت إلى الصالة منتظرة قدوم المحامي

كان قلبها يرقص طرباً ، فلابد أن زيارته لها علاقة بوصية السيد هيلمان ..

جاء المحامي في الموعد المحدد لكنه لم يكن وحيداً فقد جاء معه رجل آخر ، استغربت ليندا من ذلك لكنها استقبلتهم بترحاب ، طلب منها المحامي أن يجلسوا على انفراد فإن الكلام الذي يريدان قوله هام و لا يجوز أن يسمعه أحد غيرها .. و هكذا أخذتهم إلى غرفة مكتب السيد هيلمان و طلبت من الخادمة عدم الإزعاج و أوصدت الباب جيداً خلفها ثم جلست متصنعة الوقار و الحزن ..

تكلم المحامي قائلاً :
– سيدة ليندا .. هناك حقيقة لابد أن تعرفيها و هي أن السيد جون هيلمان توفي و لم يخلف وراءه أية أموال أو نقود .
لم تستوعب ليندا ما سمعت لذلك سألت قائلة :
– تقصد أنه أعلن إفلاسه قبل أن يموت ؟!!
– لا سيدتي .. لم يكن يملك شيئاً حتى يخسره و يفلس ، معك حق أعذرك إن لم تفهميني ، لكني أعرفك على السيد رالف و هو من سيشرح لك كل شيء .

تكلم السيد رالف بعد أن كان صامتاً كل الوقت و قال :
– سيدتي ليندا .. قبل أن أبدأ ، أريدك أن تعديني ألا يخرج الكلام الذي أقوله لك إلى أحد
أجابت ليندا بصوت مرتعش : أعدك ..
فتابع رالف :
– قبل خمسة عشر عاماً أو يزيد .. كان هناك سيد ثري و له أعمال واسعة و استثمارات في كل المجالات ، لكن هذا السيد دائماً لم يكن معروفاً لأحد ، لأنه يمارس أعماله في الخفاء و لا يحب أن يظهر على الساحة و بالطبع كانت بعض أعماله مخالفة للقانون ، و لذلك كان يستخدم أناساً يضعهم في الواجهة و هو الذي يحركهم و يسيرهم عن طريق أوامر تصدر لهم ، و كما قلت لك سابقاً قبل خمسة عشر عاماً توفي الشخص الذي كان مستلماً مهمة تسيير أعمال هذا السيد بحادث سير لذلك كان السيد مضطراً للبحث عن بديل ، و شاءت الأقدار أن يتعرف على جون هيلمان الذي كان رجلاً فقيراً معدماً يعيش على هامش الحياة و كانت صفاته تتوافق مع من يجب أن يستلم هذه المهمة فهو فقير و وحيد و إن حدث له شيء لا يوجد من يسأل عنه لذلك وافق هيلمان أن يكون واجهة لأعمال ذلك السيد

تكلمت ليندا مقاطعة رالف لأول مرة :
– و ما هو الثمن ؟
ضحك رالف من سؤالها و قال :
– الثمن ؟!! الثمن هو هذا الذي ترينه ، المنزل الواسع الذي يعيش فيه ، الخدم ، الشركات التي هو أمام الناس يملكها ، البلدان التي سافر إليها واستمتع بالسياحة بها ، احترام الناس له بعد أن كان نكرة .. و تسألين ما هو الثمن ؟!
سألت ليندا بخشية :
– تقصد أنه لا يمتلك الآن أي شيء .. أي شيء ؟
– نعم مع الأسف .. أعرف أن هذا سيشكل لك صدمةً كبيرةً خصوصاً أن جريمة القتل التي خططت لها ستكون بلا فائدة بل على العكس .. لقد حرمت نفسك من النعيم التي كنت ترفلين به .

– عفواً سيد رالف ماذا تقصد بكلامك هذا !
– سيدتي أرجوك لا تتظاهري أمامي بأنك محبة لزوجك و حزينة على فقده ، نحن نعلم منذ البداية أنك تزوجت من جون طمعاً بثروته التي كنت تظنينه يمتلكها ، منذ البداية كان شرط السيد على جون بألا يتزوج ، لكنه عندما تعرف عليك جن جنونه و استأذن حتى يُسمَح له بالزواج منك ، و لأن جون أظهر ولاءً و إخلاصاً بالعمل وافق السيد على زواجه منك مع انه كان واثقاً بأنك لست سوى متسلقة و لا تحبين جون هيلمان ..

ألجمت صراحة رالف لسان ليندا عن التكلم ، لذلك تابع رالف :
– نحن واثقين أن لك علاقة بمقتل السيد هيلمان لكننا لا نملك الدليل و حتى لو كنا نملكه فذلك لا يهمنا فقد مات السيد هيلمان و انتهت علاقتنا به لذلك أطلب منك استمرار التظاهر بالحزن ، و سنسمح لك بالبقاء في هذا المنزل لمدة شهرين و بعدها تتظاهرين بأنك صفيتي أعمال زوجك و بعت المنزل و تسافرين لمدينة أخرى و هناك تبدئين حياتك من جديد بالطريقة التي تعجبك
أطلق ضحكة ساخرة ثم أكمل قائلاً :
– أنصحك بأن تبحثي عن شبيه للسيد هيلمان و لكن تأكدي هذه المرة من أن الأموال التي يمتلكها مسجلة بإسمه بالفعل ..

صمت قليلاً ثم أكمل :
– اسمعي .. سنقدم لك خدمة لا تقدر بثمن ، سنجعل ملف القضية يغلق نهائياً و يقيد ضد مجهول ، فسيدي يده طائلة و يستطيع فعل ذلك ، و لا تظني أنه يفعل ذلك من أجلك ، لا .. هو فقط لا يريد أن يبقى اسم جون هيلمان يذكر عند المحققين ، فلو استمر التحقيق فلربما ستفتح قضايا و ستثار أسئلة لا داعي لإثارتها ، لكن إياك ثم إياك أن تذكري ما قلناه لأي أحد و إلا ستتعرضين لعقاب شديد أينما كنت .. أتفهمين ؟؟

** ** **

غادر الرجلان المنزل تاركين ليندا تحاول استيعاب الحقيقة ، و أي حقيقة !! لقد عرفت أن خطتها هي و مارتن قد باءت بالفشل و ليس ذلك و حسب .. لقد أدركت أنها ستعود من الصفر و لكن مارتن موجود و هو يحبها و لن يتخلى عنها ، نهضت مسرعةً إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها و اتصلت بمارتن :
– أهلاً حبيبتي .. هل جاء المحامي ؟ ماذا قال ؟
– ……..
– ليندا أجيبي .. ما بكِ
– مارتن ، هل أنت تحبني ؟
– و هل هذا سؤال ؟! بالطبع أحبك لكن ما الأمر ؟
– في الحقيقة … و قصت عليه ما دار بينها و بين رالف باختصار ، و ما أن انتهت حتى صرخ مارتن قائلاً :
– ماذا ؟ .. ماذا تقولين ؟ أتقصدين أنك الآن لا تملكين شيئاً !! هذا يعني أني لوثت يدي بدماء ذلك الرجل بلا فائدة
– مارتن أرجوك أفهمني ، أنا لم أكن أعلم .. لم أكن أعلم صدقني
– و ما فائدة هذا الكلام الآن أيتها الغبية ؟
– لماذا تخاطبني بهذه الطريقة ؟
– لأنها الطريقة التي تستحقينها ، كان عليك أن تتأكدي قبل أن ننفذ خطتنا ، لقد أصبحت قاتلاً ، أتعرفين ماذا يعني هذا ؟ لقد دمرتِ مستقبلي
– و أنا أيضاً خسرت ، ألا تقدر هذا ؟ ثم أن رالف وعدني أنهم سيغلقون ملف القضية نهائياً
– لن أنتظرهم حتى يفعلوا ذلك ، يجب أن أبتعد من هنا في الحال ، ليندا اعتبري أنكِ لم تتعرفي عليَّ أبداً .. وداعاً .
– مارتن … مارتن لا تتركني أرجوك
لكن مارتن كان قد أغلق الخط .. اتصلت عليه مرةً ثانية و ثالثة و لم يرد ، عندها أدركت أنه لم يكن يحبها أبداً و كان يطمع بثروة زوجها فقط ، فاستسلمت للبكاء و شعرت بندم كبير بسبب ما اقترفت و تمنت أن يعود الزمن للوراء لكن هيهات .

بقيت في غرفتها عدة أيام ، لا تأكل و لا تشرب و لا تكلم أحداً ، و فسرت الخادمات حالتها تلك بأنها حزن على زوجها ، و من ثم عادت للتفكير بمارتن ، بالتأكيد ردة فعله كانت آنية بسبب الصدمة ، هو حتماً يحبها ، لذلك أمسكت بالهاتف و اتصلت به لكن رقمه كان خارج نطاق الخدمة ، جن جنونها فأسرعت بارتداء ملابسها و ذهبت إلى شقته لكن عندما طرقت الباب لم يجبها أحد ..

عادت إلى المنزل حزينة و مكسورة ، و أدركت أن مارتن قد غادر و تركها نهائياً ..
قررت التأقلم مع هذه الحقيقة المرة ، هي الآن لا تملك شيئاً و إقامتها في هذا المنزل الواسع إقامة مؤقتة ، من حسن حظها أن القضية قد أغلقت و إلا لكانت الآن في السجن ، أغمضت عينيها و ذهبت في سبات عميق .. سبات تمنت ألا تصحو منه أبداً .

** ** **

بعد مرور شهرين على وفاة جون هيلمان و في إحدى المدن ، دخلت امرأة في الرابعة و العشرين من عمرها إحدى المطاعم و اتجهت نحو صاحبه قائلةً :
– هل تحتاجون لنادلة تعمل لديكم ؟ أمتلك خبرةً في هذا المجال ..

بالطبع هذه المرأة لم تكن سوى ليندا .. أرملة السيد جون هيلمان .

** تمــــــت **

تاريخ النشر : 2016-11-12

نوار

سوريا
guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى