أدب الرعب والعام

نبوءة الذئب (2)

جثا الطبيب الأخصائي يفحص بطن عزة الصغيرة. كان ذاك مروره الأسبوعي الصباحي على المشفى، أثارت علامات العضة شيئاً في نفسه. ذكرى قديمة أراد أن ينساها.. يقف عن الطفلة ويسأل الطبيب المسؤول عن حالتها:

_ أهلها بالخارج؟

_ نعم.

يتحرك الأخصائي خارجاً من قاعة العناية. يتبعه الطبيب فيشير لهاني وسيد أن يحضرا، حتى فعلا سألهما الأخصائي:

_ والد عزة أعتقد؟

يهز هاني رأسه:

_ نعم.

_ لدي سؤال غريب لك.. هل رسمت عزة أي شيء قبل إغمائتها؟

يمتقع وجه هاني ويرد لا إرادياً:

_ كيف عرفت؟

يمد الطبيب الأخصائي يده غير مبال باللون المختلف ليد هاني، لشحوم وزيوت وحتى تقشف جلد طالها. يقول:

_ دكتور رائد عربي. طبيب….

يقاطعه هاني ويمد يده ليصافح الطبيب وقد ارتاح لهيئته:

_ أعرف. هاني فتلة. تشرفنا.

_ هل لنا أن نتكلم قليلاً في مكان خارج المشفى يا أستاذ هاني؟

_ طبعاً.

ينظر الطبيب رائد إلي الطبيب المقيم:

_ هل من حالات أخرى اليوم؟

_ حالات بسيطة لا تستحق.

_ هل أنت متأكد من أنك لا تريدني أن ألقي عليها نظرة؟

_ نعم، أقدر انشغال حضرتك.

يربت رائد على ذراع الطبيب المقيم:

_ طيب، أنت تعرف ما ستفعل إذا تطورت أي حالة. أنا معك اليوم وغداً.

يهز الطبيب المقيم رأسه وهو يسائل نفسه ذات الأسئلة التي يسألها هاني وسيد. كيف عرف الطبيب رائد بشأن الرسمة؟

**

كانا يمشيان في حديقة عامة. وتوغلا عميقاً بها حتى قل البشر من حولهما. يقول الطبيب رائد، وكان رجلاً خمسينياً طيب الملامح هادئ الصوت:

_ هل تثق بصديقك هذا؟ تلك ابنتك الصغيرة التي تركته معها.

_ نعم. أمها في الطريق إليها على كل حال.

_ جميل . طيب، الرسمة.

يصيخ هاني السمع باهتمام. يكمل الطبيب رائد:

_ قبل سنوات، لا أعلم كم، أتى لي زميل قديم يشبه عزة.

_ ماذا تقصد يشبه عزة؟

_ عضة في الفخذ. ليست أي عضة، عضة غريبة لم أتبينها أبداً. مثل عزة.

_ الطبيب الآخر قال إنها ليست عضة كلب عادية.

_ صحيح. المهم أن زميلي ذاك أتى بنفس الأعراض، إغماءة وارتفاع شديد في درجة الحرارة، كانت معه أمه.. امرأة عجوز بالكاد تمشي. رق قلبي لمصابها وحالها وتابعت حالة زميلي بنفسي، وصرت لا أتركه معظم الوقت.. كان معرفة قديمة من أيام الثانوية.

يهمهم هاني أن يكمل الطبيب حكايته..

_ وفي يوم، وجدت العجوز تمسك بورقة وتتفحصها بطريقة… اعذرني لو كنت أبدو حساساً الآن…. أقول تتفحصها بطريقة آلمتني. كانت تقرب الورقة بزواية معينة من عينيها، وفهمت أن لديها مشاكل بالنظر. سألتها أن ماذا تقرأ، فقالت تلك رسمة رسمها ابني قبل أن يفقد وعيه.

_ تقول هذا حدث منذ سنوات، كيف تتذكر كل تلك التفاصيل؟

_ اصبر عليّ، أخذت منها الورقة وطالعتها بغير اهتمام، كانت رسمة رديئة لحادث. دماء وزجاج متناثر وأشلاء. قلت لنفسي ذاك خيال مريض. ورأيت اسماً أعلى الرسمة.

ينظر هاني للطبيب مضيقاً عينيه. يتابعه باهتمام إذ يردف:

_ عبلة العربي.

يقول هاني بسرعة:

_ أنا أيضاً قرأت اسمي على الرسمة!

يتوقف الطبيب عن المشي وكذا يفعل هاني. وكان يحمل سترته على ذراع فينقلها للأخرى، ويشمر عن ساعده فيستبينها، ويريها لهاني قائلاً:

_ هل ترى هذا؟

وكان الساعد مشوهاً وكأن الجلد قد ذاب مثل البلاستيك قبل أن يلتصق مجدداً بالجسد. يرد هاني:

_ لا تقل لي.

_ هذا آثار الحادث الذي تعرضت له بعدها. الذي أقوله إن الرسمة تحققت!

تتسارع دقات قلب هاني:

_ لكن هذا خبال!

_ حينما رأيت الرسمة لأول مرة، كان ثمة شخص جانب السائق. قلت هي خدعة رخيصة دبرها أحدهم بكتابة اسم زوجتي، ولم أشغل بالي كثيراًِ.

_ وهل….

_ ماتت، زوجتي.

يقولها الطبيب رائد هادئاً.. بدون إبداء مشاعره. يتمتم هاني:

_ رحمها الله برحمته.

_ آمين، ما أقصده يا سيد هاني، أن تلك الرسمة لا تمزح. عانيت سنة كاملة من آثار ذلك الحادث، نفسياً وجسدياً. وإني لا أخبرك بما أخبرك إياه الآن، إلا لأني أعرف مدى خطورة ما يمكن أن يحدث، رغم أني طبيب لكني في هذه الحالة لا أهتم بالكيفية أو السبب، أهتم بالنتيجة أكثر.

إقرأ أيضا: برميلي العزيز

يشعر هاني برجفة تسري في جسده. يقول:

_ هل كان اسم زميلك هذا، بالصدفة أو من دونها، علاء محروس؟

_ بالضبط! كيف عرفت!

يهمهم هاني قبل أن يسأل:

_ ماذا حدث له بعدها؟

_ وقت الحادث كان لايزال تحت الملاحظة. بعد الحادث بأسبوع تقريباً أخبروني أنه استفاق وتحسن بشكل كبير

حتى خرج مع العلاجات المعتادة.

_ وهل قابلته؟

_ ذهب لزيارته لكنهم أخبروني أنه رحل مع امرأة ما، تزوجها على ما يبدو.

_ ولم تره مجدداً؟

يهز الطبيب رأسه نفياً. يسأله هاني بفضول:

_ هل كان يعرف زوجتك شخصياً؟ أعني… أن يكتب اسمها على الرسمة.

_ طبعاً، جمعتها زمالة في الكلية. دعوته يوم زفافي وفوجئت أنهما صدما من رؤية بعضهما البعض، عرفت حينها أن علاقة ما جمعتهما. علاقة قوية حتى.

_ صدف؟

_ لا. كلنا أبناء منطقة واحدة بعد كل شيء. إذا عرفتهُ في المدرسة وعرفها هو في الكلية فهذا لا يعني أن الدنيا ضيقة، بل يعني أننا نسكن ذات المدينة مثلاً.

يصمت بعد ذلك للحظات ثم يسأل:

_ هل لي أن أرى رسمة ابنتك؟

يخرج هاني الورقة من جيبه ليعطيها للطبيب رائد الذي يتفصحها تفاصيلها باهتمام، يقول إذ يفعل:

_ أستاذ هاني. عليك فعلاً أن تحذر. لا أعلم ما هذا بالضبط لكنه سيحصل لك.

**

فوضى حوله، صراخ وربما سباب، ملعقة تضرب في كوب _شاي على الأغلب_ ورجل يتمخض ليبصق أكبر بصقة في التاريخ. مياه تُلقى أمامه فيتجنبها صوت _توكتوك_ بعيد وصوت ضحكات هستيرية من المقهى القريب، زمجرة محرك سيارة عتيقة يحاولون في إحدى الورش تصليحها. يوم في حارة المرزوقي، يراه الناظر متثاقل الخطى هادئ الأفعال، لكنه كان، رغم ما بدا، مشتعل الفكر مثار الحواس. لا أن يراهم ويسمعهم حوله، بل أن يرى ويسمع أفكاره وحده. يقف أمام مبنى ويزدرد لعابه، نار في الحلق. هنا تسكن تجسيد ليليث أو ما يقارع إبليس في صيغة المؤنث. هنا تسكن نواعم، يخطو وهو يستعيذ بالله من كل الشرور.

كان بالفعل يفهم جزءاً أو أقل من القصة، ثمة ذئاب تعض وثمة موت وثمة نيران، هناك أيضاً تنبؤ بالمستقبل في مكان ما وسط كل ذلك. الرابط بين تلك الأشياء كلها هو امرأة يطرق بابها. كأنها تعرف تفتح متبسمة، ينقبض قلبه. كيف الخوف من الجمال! كيف من الإغراء! تقول:

_ عرفت أنك ستأتي.

يقول وقد استحضر قلبه الكثير من الغضب فالشجاعة:

_ ما ذنب الصغيرة في كل ذلك؟

_ ألن تدخل؟

_ لن أتزحزح من هنا، إني لأتنبأ بشيء مثلكِ.

تضحك. تضحك كعاهرة محترفة تريد لصدى ضحكتها أن يُسمع. تقول:

_ هيا، قل.

_ لن أدخل معكِ مكانا مغلقا.

تعض شفتها السفلى:

_ إذن أنت خائف من ثالثنا.

_ ألا تخافين أنتِ من الله! تلك طفلة صغيرة. ما ذنبها!

تتغير ملامحها. تبدو جادة:

_ ومن قال أن لي يد فيما جرى لها؟ من قال أنها تألمت أصلاً؟

يعلو صوته ليقول منفعلاً:

_ من قال!

تضحك بخبثها مجدداً:

_ صحيح. نسيت. كل الأصابع تشير لي… أقصد كل المخالب.

إقرأ أيضا: نباش القبور

يكاد يقول شيئاً غير أن هاتفه يدوي في جيبه. يرد ليجد صوت سيد يخبره أن عزة قد استيقظت، يغلق المكالمة فيقول إذ يهبط السلم:

_ سأعود يا نواعم. ولكن المرة القادمة التي سأعود فيها، ستكون بنية القتل!

تبتسم مودعة إياه بإشارة من يدها.

**

ظن أنها لن تكون كما عرفها. أنها ستكون عزة أخرى صامتة كئيبة، لكن تلك الضحكة الملائكية، والنظرة الصافية الطيبة، والكلمات المرحة الساذجة، غيرت رأيه جميعها. وكأنها لا تعي مما صار شيئاً. وشوقية أمامها تحتضنها كل دقيقة مرتين والدمع يفر منها، أما هي فلا تمانع احتضان أمها رغم أنها لا تفهم سبب كل هذا الحنان. يقول الطبيب رائد بصوت منخفض لهاني:

_ لا يمكنها احتضان الطفلة كثيراً، لصحتهما.

يهز هاني رأسه أن فهم قائلاً:

_ شوقية، اهدأي دعي الطبيب يتابع عمله.

ترتبك الأخيرة فتبتعد عن طفلتها:

_ لا مؤاخذة يا دكتور، تفضل.

يكمل الطبيب رائد فحصه لعدة ثوان، يسألها عن شيء بين الحين والآخر وتجيبه الصغيرة بما يفيده أنها سليمة. في النهاية لا يلاحظ شيئاً غريباً عليها، وكان ذلك في حده شيئاً غريباً، أن تختفي كل العلامات بين يوم وليلة وكأنما لم تكن. يقول:

_ عزة أصح مننا جميعاً. إذا جاءت نتيجة التحاليل سليمة، فإني لا أرى طريقاً لمنعها من العودة للمنزل، بل لاأرى الآن مانعاً.

ثم ينتحي بهاني ليقول له:

_ لا أصدق هذا. ما درسته في الكلية شيء، والذي أراه أمامي شيء آخر.

_ المهم أنها عادت.

_ المهم أن تحذر.

**

كان نائما حينما استيقظ على هاجس يزعجه، شوقية جانبه وعزة بينهما. يقوم عن السرير متثاقلاً إلى حيث ترك هاتفه الذكي، يأخذه ويخرج من الغرفة. يتصل بالإنترنت وعلى محرك البحث يكتب “هل يمكن للجان أن يعضوا البشر” ويضغط زر البحث، مع ظهور النتائج يرن هاتفه فجأة بين يديه، رقم غريب. شاشة الهاتف تُظهر أنها الواحدة بعد منتصف الليل. ذلك نوع قديم من قلة الذوق من البشر. يرد بانزعاج:

_ مَن؟

في البدء يسمع همساً، يصيخ بحذر وهو يضغط زر تحويل صوت المكالمة للسماعة الخارجية:

_ ي… يقول… يقول إنهم… إنهم… لا يفعلون… الج.. الجان.

_ من معي!

_ احذر…. يا… ه.. هاا.. هاني. إنه.. قق.. قادم… إل… إليك.

_ من!

_ أ… أحبك… يا… ص… صديقي.

_ سيد؟ هل هذا أنت؟ سيد!

وينقطع الاتصال، يجري الدم في عروقه. يهب من مكانه ليأخذ مفاتيح سيارته ويهرع خارجاً من شقته ببيجامته. كانت السلالم مظلمة لتعطل المصباح، لكنه كان يدرك هذا وانتوى الهبوط في الظلام. وكاد يغلق باب شقته ورائه غير أنه لاحظ ظلا يقف على السلم، ثابتاً كمسمار بإيحاء من الضوء القادم من شقته، يفتح ضوء هاتفه ويسلطه على الظل، ليرى سيداً يقف هنالك. كان يبتسم ابتسامة آلية مريبة.

_ سيد؟ أنت… ما الذي تفعله هنا؟ لماذا تقف في الظلام؟

تتبدل الابتسامة عن وجهه ويرد بمرحه المعتاد:

_ قلت أزورك.

يدرك هاني أن ما يحدث ليس طبيعياً. يسأل:

_ الآن؟

_ لم لا؟

يتراجع هاني قليلاً وهو يسترجع تحذير المتصل من قادم؟ وماذا يريد؟ يقول سيد وهو يصعد درجات السلم ببطء:

_ ما بك؟ هل أنت خائف؟

يتسمر هاني ويدق قلبه بعنف، وراحت يداه تبحث عن شيء ما حوله. يقول إذ يفعل:

_ بصراحة؟ لا.

يقولها وهو يقذف بسلسلة مفاتيحه ناحية رأس سيد، وكانت المفاتيح مثقلة بعدد لا يُحصى من المفاتيح لورشته ومخزنه وشقته وكل باب يقابله هاني في حياته، مما أعطى لها كتلة يمكن أن تصبح مؤذية مع القوة المناسبة، وكانت ذراع هاني تحمل القوة المطلوبة بالضبط. وللعجب مد سيد يده بردة فعل غير آدمية ليلتقط المفاتيح، يبتسم رغم الدم اليسير الذي تكون في كفه نتيجة التصادم القوي للمفاتيح مع يده:

_ هكذا؟ تريد أن تؤذي صديقك؟

يغتاظ هاني ودون تفكير يقفز فوق سيد ليتدحرجا على السلم. الغضب يسوقه وهو يكيل لكمة لسيد أثناء ذلك. يعرف أن الذي أمامه يبعد تماماً أن يكون صديقه الذي يعرفه، لذا يضرب بكامل جبروته دون أن يخشى شيئاً، يلاحظ بعد السقطة وعلى ضوء مصباح الدور الذي يسبق دوره، أن رأس سيد قد التفت بطريقة يستحيل معها أن تكون سليمة. يفزع هاني ويقف مصدوماً، ثم وكأن لا شيء حدث يقفز سيد نحوه فيسقطان أرضاً، ومفاجأة تلو الأخري تعود رأس سيد مكانها الطبيعي قبل أن تنطلق بغتة نحو كتف هاني فتعضه عضة لم تؤلمه أبداً، لكنه رغم ذلك أزاح سيد عنه بعنف وهو يركله في بطنه. يعدها يقوم سيد ويهبط مهرولاً تاركاً هاني مذهولاً وحده على سلم بنايته. يتحسس رقبته مكان العضة، ولا يشعر بألم أو دماء.

إقرأ أيضا: ساتن وجنون العظمة

صباح اليوم التالي وفي طريقه إلى بيت سيد رأى تجمعاً من البشر والشرطة، ومع السؤال والتقصي عرف أن صديقه قد مات. لم يصدق حتى اندس بين الناس ودافعهم واخترق بينهم، ليس حتى مر متخطياً رجل شرطة مهمل وورفع الملاءة عن الجسد المسجي ورأي زميل مهنته وصديقه مغمض العينين والدماء تغطي بيجامته. أما ما ضربه وشطر وعيه وعقلانيته، هو تلك الفجوة في رقبته، وكأنه تمثال صلصال وهناك من أزال جزءاً من رقبته، أو كأن هناك كائن ما اقتطع جزءاً من رقبته عضاً! وكان ذلك عنده بمثابة المسمار الأخير في نعش نواعم، ظهر شيطانه له جلياً، واختفت عواطفه تماماً وهو يركض قاطعاً المسافة القصيرة بين بيت سيد وبيت نواعم، كالآلة يركض بلا تعب أو كلل. ويثب الدرجات برشاقة لا تتناسب مع سنه.

يدق جرس الباب بكامل الهدوء. كان يعرف تماماً ما سيفعله. تفتح غريمته الباب غير متوقعة أن تراه، وتبتسم إذ تفعل فيبتسم لها بدوره ثم ينقض عليها. يدفع الباب دفعاً ويطوق رقبتها بكلتا يديه فيسقطان أرضاً ويجثم فوقها، سيخنقها حتى الموت أولاً، ثم بعد ذلك يرجع لوعيه ويندم على ما فعل. وعد وهو الآن يفي. يرى نظرة خوف لم يكن يتوقعها في عينيها. لم تبد له تلك الخبيثة المتبسمة دائماً. بدت إنسانة عادية لها مشاعر، فكر للحظة أنها تخادعه وتلعب دور الضحية، لكنه حينئذ يرى كتفها حين ينسدل قميصها عنه، ويرى علامة رآها على بطن ابنته. يرتبك. يمد يده ويمزق بقية القميص ليرى العلامة واضحة أمامه، يرسل بصره لها فيراها تطالعه بذات الخوف، حينها يتركها ويقوم وهو يلهث مرتعداً إثر الأدرينالين الذي يسري في عروقه.

أما هي فتقف ببطء وهي تسعل واضعة يدها على رقبتها، ومع حركتها البسيطة تلك يهبط القميص عنها ليظهر أديم جسدها العلوي لهاني. تتسع عيناه لهول ما يرى، كانت كل بقعة منها بها علامة عض، عشرات وعشرات منها في كل مكان، يراها ترسل لها كرهاً وبغضاً في نظراتها، يراها تترك قميصها ينساب أرضاً فتظهر له عارية كما ولدتها أمها، ويرى النصف السفلي أيضاً ملبدا بالعلامات. جسد مشوه بالكامل! تقول:

_ تريد أن تفهم؟ هاك جسدي. افهم!

يقعد أرضاً بعد خيانة من قدميه، وتعيد هي ارتداء
قميصها الطويل. يسأل:

_ ما الذي يحدث؟ لا أفهم شيئاً!

تقول وهي تهبط أرضاً جانبه:

_ لو كنت قد استمعت لي يوم تقابلنا أول مرة لما حدث
كل ذلك.

**

لا تعلم نواعم كيف سارت على دربها ذاك، لم تكن تتخيل أنها ابنة إحدى قبائل الصحراء ستحب رجلاً ينسيها الكيف والمتى والسبب، ينسيها طرح الأسئلة. شيء به شيء بعقلها شيء بقلبها، لاتعرف لونه رائحته صوته، لا تعرف. لم تطرح الكثير من الأسئلة، تعرف أن بينها وبينه بلاد في الفكر والقلب، لكنها تفهم أن الشيء ونقيضه يكملان بعضهما. أنه لو كان قاسياً جلفاً فهذا سيعادل طعم نعومتها الزائدة وسيجعله مقبولاً. تقول لها عرافة القبيلة، الشيء يا ابنتي ينجذب إلى نقيضه، تلك سنة الكون والنجوم والحياة.

كان تاجراً رحالة يبيع بضاعته منهم للمدينة وبضاعة المدينة لهم، لم يرها قط لكنها كانت تراقبه من وراء ستار دوماً. يضحك هو مع شيوخ القبيلة أو يلعب مع أطفالها، أما هي فتضحك مع أحلامها وتلعب مع خيالاتها.

لم تكن تؤمن بالقدر،كانت ذكية لتفهم أن الأحلام أحلام والواقع واقع، وقد اعترفت لنفسها أن حالها لن يخرج على أن تتزوج أحد رجال القبيلة وتعيش حياتها تحلب الماشية وتطبخ للرجال وتأتي بالمياه من الآبار، لهذا لم يتمادى حلمها كثيراً. لكنها يوم طلبها والدها الشيخ فتحضر فيسألها عن رأيها بالتاجر نعيم، هي حينئذ تؤمن بالقدر وتصاحبه. ولم يبعد الأمر عن أن التاجر نعيم طلب بنتل من بنات القبيلة لتعينه على العيش، ولما كانت علاقته بهم وثيقة، ولما كان في الأصل واحدا من أبناء القبيلة، أجازوا له نواعم إذا وافقت ووافق.

ووافقت ووافق وانقضت نهارات فتم الزواج وأُعلم الجميع بوليمة أقامها التاجر على أرض القبيلة. هكذا ترتحل نواعم معه إلى المدينة شاكرة نعمتها فرحة بها، وحمل فولادة فابن جميل أسمر يحمل من والده الكثير. فموت بعد ضعف يليه بكاء وعويل وعودة للقبيلة لدفن الصغير. ثم هي عجلة حياة تمشي فحمل آخر ووضع جديد، فتاة تراها فتظنها النسيم إذا ضحك، وموت جديد بعد مرض تحت أعين أفضل أطباء مشفى المدينة، ومشاكل ونار وحطام وعجز، ثم عودة للقبيلة. اتفاق على أن لا طلاق وأن تمكث مع القبيلة ويعود هو ليقضي معها يومين كل شهر. وأشهر جديدة وحمل جديد وحكيمة القبيلة تقول لن يموت عندي وكأنها توزع الأرزاق على الأحياء، وبعد الموت الثالث تصرخ حكيمة القبيلة وتقول ملعونة نواعم في نسبها، ولعنتها ستحل على القبيلة عاجلاً لو لم ترحل، لها الزيارة لكن البقاء لن يجلب خيراً. وهكذا كان الرحيل مجدداً للمدينة.

عرفت حينذاك أنه يحبها بل يعشقها لتمسكه بها، وكان ذلك عندها نقطة ضوء دافئة في عاصفة الظلام والبرد. وأعوام تمر ويراودهما السؤال مجدداً، هل من مزيد أم لا مكان في القلب لمزيد من الآلام؟ هل إنجاب أم سكوت وتراجع؟ وقال لها نجرب ولو مات عشرة فسيعيش الحادي عشر، لكنها كانت هاجسة، مرضت نفسها بالخوف من القادم، لن تحتمل لو وُلد ومات لها طفل آخر، لكنها في ذات الوقت تريد أن ترى لها نبتة تنمو، زهرة برحيق وآمال وقلب. ولأكثر ما استيقظت ليال تبكي على حالها، فكان زوجها يقوم فيحتضنها ويهدهدها كطفل صغير حتى تنام على صدره وينام هو بعدها.

في زيارة للقبيلة حدثتها واحدة من بنات صديقاتها، فقالت ثمة شيء تفعله حكيمة القبيلة ويجعلها تعرف ما سيحدث للأعزاء، فكان أن سمعت وذهبت لصاحبة الشأن، الحكيمة. حدثتها عما قيل فلم تكذب، غير أنها حذرتها بأن تلك ليست رغبة أو هبة، أن المستقبل مكتوب على الجبين فلو عُلم احترق الجبين والرأس كلها، فقالت نواعم أن ليس من ثمة عذاب فوق عذابها. قالت أريني مستقبل أحبتي.

إقرأ أيضا: بلاغ للشفاه.. ذاكرة طالب

**

_ إذن… هذا أقرب للعنة؟

تقول وهي تتحسس رقبتها مكان عضة حديثة:

_ نوعاً ما.

_ وما علاقة هذا بكل شيء؟

_ الأمر معقد قليلاً.

_ أخبريني.

_ الحكيمة تستخدم سحر القبيلة. يظهر هذا الشيء، يأتيك في الليل ويعضك، لن تشعر بألم وربما لن تعرف أصلاً، لكنك بعدها بثلاثة أيام سوف ترسم الموت القادم لعزيز لك وسوف تشعر بوعكة وربما تفقد الوعي، لكنك بعدها ستستيقظ سليماً.

_ ولكن كيف أتي لابنتي أو لعلاء محروس؟

تحول بصرها له:

_ تعرف أنه حدث لعلاء؟

_ نعم.

_ علاء لم يكن يحبني ولم أكن أحبه. أنا وفية لزوجي.

_ وكيف تزوجتما إذن؟

تضحك فتقول بسخرية:

_ ومن قال إني تزوجته حقاً!

_ رأيتكِ تمشين معه…

تقاطعه:

_ ماذا تعرف عن كلام الناس؟

_ أنه كلام ناس؟

_ بالضبط، مجرد كلام.. الشقة التي قالوا إنه اشتراها لي أنا من اشتريتها بنفسي لكنه أتى معي على سبيل التزكية.

_ ولماذا مشيتما سوياً إذن؟ ما أصل العلاقة بينكما؟

تتنهد. تصمت لثانيتين ثم تقول:

_ حينما أتى لي أول ليلة وعضني، وفي أول رسمة لي رأيت أن العزيز الأول الذي سيموت لي هو زوجي.

يُصدم هاني بما يسمع. تكمل هي:

_ بالطبع كان عليّ أن أنقذه. لم أدعه يخرج أبداً ذاك الأسبوع.

_ وكان يعرف بأمر اللعنة؟

_ نعم، لم أكن لأخفي شيء كهذا عنه.

_ وماذا حدث بعد ذلك؟

_ كما ترى، لا فعل بدون رد فعل. أنقذه من الموت فينتهي كل شيء؟ دون ثمن؟ ذاك حلم أخرق!

_ وما الثمن؟

_ هو بنفسه يصبح ملعوناً!

يقول هاني وقد سيطر على فزعه:

_ ثم ماذا؟

_ سيأتيه وسيعضه وس…

يقاطعها:

_ تكررين هو هو هو! من هو؟

_ أسميه المتحول. لأنه يتخذ أي شكل يريده.

_ رأيته. كان يتخذ شكل سيد!

_ وعضك؟

_ نعم.

_ في رقبتك ها؟

_ نعم. كيف تعلمين؟

ترفع رقبتها له وتشير لعضة حديثة:

_ بسبب هذه؟

_ هي مثل التي عندي بالضبط!

_ نعم. لمّا لا تشعر أنت أو غيرك من المعضوضين بألم، أنا أشعر به. آخذ آلامكم الجسدية. ذاك جزائي من اللعنة. استعد. يومين وستعر بأعراض الوعكة.

يفكر هاني في جسدها وفيما رآه قبل قليل:

_ يا للهول!

_ لا تقلق. اعتدت الأمر.

يصمت هاني ويطرق أرضاً. بعدها يقول:

_ ماذا حدث بعد أن عض زوجك؟

_ يرسم موت قريب لعزيز له، وعزيزه هو علاء.. علاء محروس.

يغمغم هاني وقد بدأ يفهم:

_ وبالطبع لم ليدع صديق عمره يموت.

ترد بتثاقل في كلماتها:

_ بالضبط. لكنه شعر بالذنب. لو أنقذه من الموت فستنتقل اللعنة له. لذا أتى بحل.

ثم تتوه عنه وتضع رأسها على ركبتيها وقد كان جالسة في وضع القرفصاء. يسألها:

_ أتوقع أن حله هذا جعل الأمور تسوء أكثر؟

_ لا. ليس بالضبط، حله كان أن يترك علاء صديقه يموت أولاً ولن يكتفي بهذا، بل بعدها سيقتل نفسه أيضاً. أراد أن ينهي اللعنة بالكامل.

إقرأ أيضا: من رفات الذاكرة

_ وهل واتته الشجاعة؟

_ لم تواته الفرصة ليجيب على هذا السؤال، لكن حسب معرفتي به، كان ليفعلها.

_ ماذا تعنين بلم تواته الفرصة؟

_ هو… أقصد المتحول.. عرف بما سيفعله، لذا قتله كما فعل مع سيد.

_ قتله فعلاً!

تهز رأسها إبجاباً وهي تحبس دمعة عن النزول. يقول منفعلاً:
_ لماذا!

_ هذا ما كنت أحاول فهمه كل تلك السنين. ما عرفته أنه من مصلحة المتحول أن تستمر اللعنة. يحب أن يستمر بالعض.

_ لكن هذا يعني أن علاء لم يحذره أحد، لذا سيموت وستنتهي اللعنة بموته.

_ هذا ما ظننت أنه سيحدث، لكن فكرة زوجي من ترك علاء يموت أولاً كانت ألا يؤثر موته هو شخصياً على موت علاء.

_ بمعنى؟

_ أخبار موت زوجي التي وصلت لعلاء، غيرت من المسار موته الطبيعي. في الأصل كان سيموت بنوبة قلبية بعد أن يرى ثعباناً في غرفته، لكن لم ير الثعبان أصلاً لأنه لم يجلس في الغرفة وتحرك لعزاء زوجي.

_ بهذه البساطة؟

_ نعم، المتحول كان يعرف ما يفعله.

_ وهكذا تنتقل اللعنة لعلاء محروس؟

_ بالضبط. حاولت محادثته في العزاء لكنه لم يستمع لي. أخبرته بما سيحدث لكنه لم يصدق.

_ وعضه المتحول طبعاً.

_ ورسم رسمته ثم واتته الحمى إياها. كانت لامرأة ما. قال لي إنه أحبها وأخلص لها من أيام الكلية. كان بينهما شيء، امرأة خائنة.

_ زوجة الطبيب؟

تطالعه بدهشة:

_ نعم.. كيف تعلم؟

_ وماتت وانتهت اللعنة!

_ نعم، على الورق.. افتراضاً.

_ ماذا تعنين؟

_ المتحول أراد المزيد.

_ ثم؟

_ أتى لي وعضني.

_ يعني..

_ لم أرسم، لم يكن ثمة عزيز سيموت لي قريباً.

_ كنت سأسأل عن هذا. هل المتحول له مصير في الموت الذي سيحدث؟

_ لا، يمكنه فقط أن يؤذي الذين من المفترض أن يموتوا طبيعياً ونجوا. أي المصابين باللعنة.

_ وماذا فعل إذن؟

_ عض علاء مجدداً.

_ بعد خروجه من المشفى؟

_ نعم، بعد موت زوجة الطبيب وبعد خروجه من المشفى. ولما شعرت بألم جديد ورأيت علامة جديدة في جسدي، علمت أنه عض علاء مجدداً. لذا ذهبت له لأول مرة، رسم شيئا عن عمه وكان ذاك بمثابة والده الثاني. أخبرته مجدداً بما يحدث واتفقنا على أن آخذه إلى الحكيمة كي نرى حلاً للعنة. هكذا ذهبنا سوياً، كان هذا منذ عشر سنوات تقريباً.

يكاد هاني يتكلم لكنه يسمع صوتاً مألوفاً:

_ وبالطبع أخبرتك أن الذئاب أكلتني وكل هذا الهراء.

ينتفض وينهض ليرى ظلاً يتقدم للضوء ببطء. لم يكن إلا علاء محروس نفسه. بدا مختلفاً قليلاً وذاك بفعل الزمن، لكنه يحمل ذات الملامح وذا الأنف الغليظ ولون البشرة الأسمر، بل حتى الندبة التي على جبهته. تنهض نواعم خائفة لتختبئ خلف هاني قائلة:

_ إنه هو.. احذر!

يقول علاء:

_ هو علاء! أخبريه أيتها العاهرة!

_ إنه المتحول يا هاني. لا تدعه يخدعك، يريد أن يقتلك لأنك علمت حقيقته.

يقول هاني بنوع من الغل:

_ أنت من قتل سيد!

يقول علاء بعصبية:

_ ألا تفهم أيها الغبي! لو كان ما حكته لك صحيح، فكيف عض المتحول ابنتك! كيف عضك! وكيف قتل سيد دون أن يصيبه باللعنة. ألم تقل لك أن المتحول يمكنه أن يؤذي الذي أصيبوا باللعنة فقط. أنا علاء يا حمار!
يتحفز هاني، ما قاله صحيح . ما علاقة سيد باللعنة أصلاً. يسمع نواعم تهتف من خلفه:

_ لا تصدقه! سيد أتى لي، سيد مصاب باللعنة لكن لم يخبرك أصلاً!

يقترب علاء ببطء:

_ وماذا عن عزة ابنته يا عاهرة! كيف أصيبت باللعنة! صدقني يا هاني. أنا علاء! ابتعد عنها حالاً. ألم تسأل نفسك لماذا جسدها مليء بالندوب؟ ألم يكن زوجها وعلاء وابنتك وأنت المصابين فقط باللعنة! من أين إذن تصاب بكل هذا؟

يلتفت هاني لنواعم مصدوماً. يراها تغالب دمعها:

_ لا.. لا… لم أكمل الحكاية. هاني صدقني. لا تعطيه ظهرك، سيقتلك!

عند ذلك الوقت كان هاني يقف بجانب علاء الذي قال بانفعال:

_ وقد فعل أيتها العاهرة! قد أعطاني ظهره ولم ألمسه.

تنهار نواعم أرضاً وهي تغطي وجهها بكفها باكية. يكمل علاء:

_ دموع التماسيح.

ويلاحظ هاني أن صوت علاء قادم من خلفه. أي أن يقف ورائه. قبل أن يفعل شيئاً يسمعه يقول بصوت سيد:

_ ما رأيكِ بالتمثيل أيتها العاهرة؟

يلتفت فزعاً ليجد أن الذي خلفه ليس علاء بل سيد، إنه المتحول! يشعر هاني بيد تلمس جبهته:

_ لا بأس به أيها الداعر.

كان ذاك صوت نواعم وقد سمعه هاني قريباً منه.

يلتفت إلى نواعم ليجدها أمامه. هي التي تلمس جبهته. تماما كما فعلت في ورشته. يغيب عن الوعي وهو يقول:

_ كلاكما….

إقرأ أيضا: حكاية من ديار بكر

**

يوقظه صوت فرقعة حطب النيران، الأرض تحته ناعمة والدنيا ظلام لا تنيرها إلا نيران بسيطة. هم في الصحراء، مقيد اليدين بإحكام. جانبه فتاة صغيرة تعطيه ظهرها ومنهمكة بفعل شيء ما في الظلام.

تزمجر قليلاً وتطقطق بفمها قليلاً. يراها تلتفت له فجأة ليرى أنها تشبه تماماً عزة ابنته. كان تضع مصاصة حلوى بفمها وترسم شيئاً على الرمال. يعرف أنها ليست عزة أبداً. يسمعها تقول:

_ استيقظ المغفل يا عاهرة.

تطهر نواعم فجأة في المشهد. كان ترتدي تنورة مزركشة تكشف عن جانبي ساقيها ما يثير، ملبس غريب عليها وهو الذي اعتاد رؤيتها بثياب عارضات الأزياء. تقول موجهة نظرها للمتحول:

_ أحضرهم.

كان هاني في تلك الأثناء يحاول الفكاك من قيده. يرى المتحول يستحق لقبه، يراه يبدل من شكله فتسقط المصاصة من فمه ويتغير من تلك الفتاة الرقيقة الصغيرة التي كان عليها، إلى ذئب كبير شرس الطلعة أشعث الشعر. دق قلب هاني بعنف وزاد في محاولات التملص، يتحرك المتحول بعدها فيعوي عواءً مخيفاً عالياً ويتردد الصدى في الصحراء حولهم، وما هي إلا ثوان حتى اجتمع قطيع من الذئاب حولهم، وما أن يفعلوا حتى يعود المتحول إلى شكل عزة الصغيرة ويقول:

_ نهايتك اقتربت. أي أمنيات.

ثم يغمز:

_ العاهرة هنا ستعطيك كل ما تريد، لا.. حقاً. ستفعلها.
يقول هاني:

_ أن أفهم. أريد أن أفهم.

_ لم تكذب عليك، ما أخبرتك إياه حدث بالفعل، ربما كم تفصيلة صغيرة هنا وهناك كذبت فيها، مثلاً أنا لا أعض الملعونين فقط، أعض أي شخص هي تريدني أن أعضه. بمعنى أصح، لا توجد لعنة. أنا اللعنة بنفسي.

_ وما الذي يعنيه هذا؟

_ يعني أني عضضتك وعضضت هذه بأمرها هي، لا هراء إذا مات أو أُنقذ من الموت هذا. لا يوجد شرط لأعض إحدهم.

ويشير لنفسه قائلاً:

_ أنا تابع لها فقط لا غير. تابع وصدقني لو واتتني الفرصة واستطعت لمزقتها إرباً.

_ وهل من تابع يقول عن متبوعته عاهرة!

_ أوه.. هي عاهرة بالفعل يا سيدي. امرأة تقتل زوجها لتحرر نفسها منه، ترثه وتستخدمني وتستخدم قدراتها للحصول على الأموال من الناس. أموال طائلة.. أكثر مما تتخيل، يمكنها شراء حارتك هذه كلها.

_ أتقول أنها أرسلتك لتقتل زوجها؟

_ مثل سيد.. عضضته وهو نائم. لم يشعر بألم للأسف، هي التي طلبت ألا يشعر بألم.

ينظر هاني لها فيراها ترقص حول النيران ففهم أنها تقوم بطقوس معينة.

_ ولماذا قتلت سيد؟

_ هذا من الطقوس. لكنه على كل حال فهم الكثير، أكثر من اللازم. لم يكن غبياً كما ترى . كان يفهم وكان سيحذرك.

_ قال لي إنها تريد الأطفال.

_ بالضبط، لكنه صاغها بشكل غبي مثله.. أسحب كلامي. هو غبي، قصد أنها تريد الإنجاب. تفعل كل هذا لأنها تريد الإنجاب.

_ ماذا تعني؟

_ قتلت زوجها لأن العيب به، قتلت علاء لأن الطقوس لم تنجح في المرة الأولى، لكنها عرفت الشروط والآن هي تقوم بها بشكل صحيح، ولهذا قتلت سيد.. لأن هذا من الشروط.

_ شروط؟

_ شروط الرجل الذي سيضع بذرته داخلها وسيجعلها تنجب طفلاً صحيحاً لا يموت.

_ وهي بي؟

_ رجل صالح طيب القلب يملك عائلة تحبه ويحبها، وزوجة متفانية طيبة مثله، فوق الأربعين ويسير الحال. ليس طماعاً ولا يريد أكثر مما حصل عليه. يعاني من موت عزيز له وهو سيد في حالتك، وطبعاً يجب أن يكون معضوضاً في حال تساءلت لماذا أتيت لك وعضضتك، القائمة طويلة، لكن الشروط تنطبق عليك بشكل غريب.

يمد يده الصغيرة التي تشبه يد ابنته ويمررها على صلعته فيقول ضاحكاً:

_ بل أظن حتى أن صلعتك هذه من ضمن الشروط.

يهز هاني رأسه بعصبية ليبعدها عن المتحول الذي يقول بعد أن ابتعد عن هاني:

_ الخلاصة أنها ظلت تبحث طويلاً بعد موت علاء حتى وجدتك.

_ وليس إلا أنا في هذا العالم!

_ تخيل!

يحاول هاني التملص:

_ هراء! خلصني!

يجلس المتحول جانبه:

_ اهدأ، ستحصل على ليلة العمر.

_ ثم بعدها تأكلني الذئاب! لا شكراً.

ينظر له المتحول مندهشاً:

_ إذن تعرف؟

إقرأ أيضا: تلك الأيام

يحاول هاني مزيداً فيتحرك بدنه كله:

_ لماذا الجميع يسألونني كيف عرفت! نعم أعرف يا داعر، جعلتني أراه في الحلم.

يضحك المتحول:

_ عاهرة فعلاً، كانت تحاول أن تخيفك حتى تنصاع لها مثلما فعل علاء المسكين.

_ هل يمكنني الحصول على صفقة؟

تعلو ضحكات المتحول:

_ نعم! نعم! هذا ما فكرت فيه! تريد اللحم دون العظم، تعطيها ابنها وتنجو بنفسك، كان هذا في البداية حينما أتتك. الآن ليس ثمة حل ودي.

يتوقف هاني أخيراً فيهبط أرضاً وهو يلهث.. يقول بصوت خفيض:

_ م.. من أنت على أي حال؟

لا يسمعه المتحول:

_ ماذا؟

يكرر هاني بذات الصوت الخفيض:

_ أنت. من أنت؟

يقترب المتحول منه محاولاً سماعه، وعند تلك اللحظة ينقض هاني عليه بعد أن نجح في إخراج يده من الحبل الغليظ.. الدور الأكبر في هذا كانت يده المتشحمة التي ساعدت على انزلاق مفاصله النحيلة من الحبل. برغم تردده يركل هاني شبيه ابنته بكل قوته ليطير متراجعاً في الهواء، ثم وهو هناك يتبدل جسده إلى هيئته التي رجح هاني كونها هيئته الأصلية، إلى ذئب. ينقض بدوره على هاني فيتصارعان على الرمال. يسمع زمجرته ويتناثر عليه لعابه، جسده ثقيل وأنفاسه القوية تضرب وجه هاني، تراهما نواعم من بعيد لكنها لا تهتم وتكمل رقصتها وحولها الذئاب.. يدفع هاني المتحول عنه بقدميه، فيركله حتى يزيحه عنه، لكنه يعود لهاني مجدداً محاولاً عضه. يستقبله هاني بالحبل الذي كان يربطه فيلفه حول عنقه ويحاول خنقه.

يزمجر المتحول متحشرجاً من الحبل الذي يُغرز عميقاً في رقبته، ويجد هاني فجأة أن الحبل يتراخى في يده ليعرف أن المتحول قد بدل شكله لطفل صغير ليهرب من الحبل.. يعود بعدها على هيئة رجل ضخم، لكمة واحدة منه على فك هاني تصرعه أرضاً يقترب ببطء ضخامته من هاني الذي كان يصارع دواراً ألم به، يزحف مبتعداً على الرمال حتى يستعد توازنه وهو يقاوم الألم الرهيب الذي ينبض بفكه، يبتعد أسرع مما يقترب إليه المتحول الضخم، يبتسم ذاك الأخير ويغير شكله إلى قط فيقفز المسافة الفاصلة بينهما حتى يجثم فوق هانى الذي يجز على أسنانه لاهثاً. يعود ويتحول للرجل الضخم وهو يقول:

_ سأقتلك.

ويمد ذراعيه إلى رقبة هاني فيمسكها بيد عملاقة تكومت فوقها اليد الأخرى لتزيد الضغط، ويعتصر ما بدا له كأنه عود قصب فيمتع وجه هاني وتجحظ عيناه. نواعم تراقبهما ولا تستطيع الكلام حتى لا تفسد طقوسها، ولو قالت للمتحول أن يتوقف لتوقف فوراً مطيعاً لأمرها، أما المتحول فيزيد من الضغط على رقبة هاني، يشعر بألم في قلبه ورئتيه.. شيء ما يخبره أنها النهاية، الألم يزداد ويصبح التنفس مستحيلاً، يقول بوهن:

_ م… ماذا…. لو…. لو… ع.. ضضتك أنا!

يقولها ثم بآخر ما تبقى فيه من حياة وقوة، يعض اليد التي تريد هلاكه، يصرخ المتحول ويقوم مبتعداً عن هاني المستلقي الذي راح يعب الهواء عباً.. يقول المتحول:

_ ماذا فعلت!

يضحك بغلظة صوت الرجل الضخم:

_ماذا فعلت!

ويزيد في الضحك حتى يقع أرضاً:

_ ماذا فعلت! لقد أخرجتني عن سيطرتها! أنهيت اللعنة،
يقولها ويسقط فاقداً الوعي، لاهثاً يلتقط أنفاسه، يقوم عن الأرض ويمشي ناحية نواعم التي توقفت عن الرقص واهتاج جمع الذئاب من حولها. لم يبد الخوف عليها ولا القلق، وكلما اقترب سيد منها كلما اكتشف أنها كانت تبكي، يرى ساقها كما رأت هي، نظيفة لا يشوبها ما شاب قبلاً. علمت قبله أن اللعنة انتهت، يقاوم آلامه ويمشي، تلاحظه نواعم فتمشي نحوه. الذئاب تعوي حولها وتزمجر لكنها لا تعيرهم اهتماماً. كأنهم يطلبون مهددين أن تكمل الطقوس، يقف هاني لما يراها قادمة نحوه جالبة معها قطيع الذئاب كله، تمر أثناء ذلك بالحطب المشتعل فتمد يدها فيها لتأخذ غصناً اشتعلت النيران بطرفه، تمشي إلى هاني حتى تقابله تعطيه الغصن المشتعل قائلة دون أدني علامة حياة في صوتها:

_ خذ، السيارة هناك فيها المفاتيح، ستجد فيها عنواني أيضاً. إذا ذهبت ستجد هناك ميتماً أملكه، ميتم أطفال. أخبر السيدة أماني أني أوصي بجميع أموالي للميتم، ستعرف ما تفعله، هي المتحكمة في كل حساباتي.

إقرأ أيضا: للندم طعم مر

_ هل كنتِ تجمعين المال لهذا الغرض؟

_ اذهب.. خذ.

بتردد يأخذ هاني الغصن وهو يسمعها تقول:

_ يخافون النيران، اسلك طريقك بها.

ينظر لها مقطب الجبين. تقول بذات الخواء:

_ لا تخف، لم أعد قادرة على أي شيء الآن، آسفة لأني أمرته أن يعض ابنتك. أردتك أن تؤمن بما يمكنني فعله حتى تأتي، اطمئن فهي لم تشعر ألم.

يتعالى صوت العواء حولهما، ويتجرأ ذئب فيعض ويقطع جزءاً متدنياً من تنورتها. تقول:

_ اذهب بسرعة.

يتحرك سائلاً:

_ وأنتِ؟

_ أنا مصيري هنا. لا أستحق الحياة. اذهب!

تدفعه بعنف وهي تقولها. يمشي هاني ممسكاً بالغصن ملوحاً به في وجه الذئاب التي تقترب منه، والتي ما أن تستشعر حرارتها تبتعد عنه وعنها، يمشي حتى سيارة حديثة لا يراها كثيراً، المتحول صدق حينما قال إنها حصلت على الكثير من المال من ورث زوجها ومن قدراتها أو لعنتها. يفتح بابها وهو يهش ذئب اقترب منه كثيراً، ثم يدلف ويغلق الباب بعد رمي الغصن المشتعل. يدير المحرك وهو يحاول رؤية نواعم وسط كل تلك الذئاب. حينها يسمع عويلاً مخيفاً، عويلاً لا يخطئه، المتحول قد استيقظ.

وقف أمامها بهيئته الأصلية، نظرة نارية تلمع في عينيه، وزمجرة مخيفة. لا يستطيع التحول أو الكلام الآن، لكنه سعيد بهذا.. كان مهاباً بين كل الذئاب وقد بدا مختلفاً عنهم في الحجم، كانت تعرف أنه يريد الانتقام منها.

أخبرها مرات ومرات أثناء أوامرها له أنه يتحين الفرصة ليذوق طعم لحمها الأبيض الطري، حينها لم يكن يستطع أن يلمسها حتى، أما الآن وقد انتهت اللعنة، فقد صارت الصياد وليس التابع. يقترب منها فتخاف وترجع للخلف، وإذ تفعل تفسح الذئاب لها الطريق بعد أن علموا أنها فريسة كبيرهم، ترجع وترجع حتى يصير ظهرها للحطب المشتعل، كانت خائفة منه هو بالذات، كلمات وعيده التي سمعتها عشرات المرات بأصوات مختلفة تتردد في أذنها الآن. كانت مستعدة للموت لكن ليس على يده، تعلم أنهم لو أكلوها فلن تشعر بالكثير من الألم وستموت بسرعة، أما هو فسيتلذذ بعذابها وسيطيله حتى تتوسل إليه أن يقتلها، كذا أخبرها قبلاً لكنها لم تخف منه إذ كانت موضع قوة آنذاك.

اليوم والآن ظهرها للنار ووجهها له، وعلى ضوء البرتقالي خيل لها أنه يبتسم، تخونها قدم من قدميها فتسقط أرضاً باستسلام، تغمض عينيها بانتظار القدر الذي سيخلصها من كل ما اقترفت، وهي على وضعها ذاك تسمع زمجرته وتشعر بأنفاسه.. قريب جداً منها. تشعر بقطرات من لعابه تلمس ساقها فتعرف أنها النهاية.

لا تفهم ما حدث بالضبط، أولاً سمعت صوت ارتطام شيء يهبط قريباً منها وشمت رائحة بنزين، وهبط ثان وثالث حتى هبط أحدها في النار خلفها فشعرت بألم الحرارة ينهش ظهرها، تقوم وتبععد عن النيران التي تأججت فجأة وانتشر لهيبها.. حتى المتحول هابها وابتعد حذراً، تنظر حولها لترى هاني عاري الجذع يخترق الذئاب ملوحاً بالغصن المشتعل ويده خلف ظهره. ترى مناديلاً مبللة بالقرب منها فتفهم أنه وهو عند السيارة حاول أن يصوب على الحطب مناديلاً مبللة بالبنزين.. ولما أصابت وحدث ما حدث انتهز فرصته، تصرخ فيه:

_ ارجع!

لكنه لا يعيرها اهتماماً ويقترب، في خطوتين يصل لها فيجذبها ولا تقاومه.. يعلو حينها عواء المتحول وكأنه يعلن استمتاعه بما يجري. حينئذ يخرج هاني ما كان يخبئه خلف ظهره ولم يكن إلا قميصه العلوي المبلل بالبنزين، ينتهز فرصة أن المتحول يعوي ويضع القميص فوقه ويرمي فوقه الغصن المشتعل وفجأة تهب النيران به. ينفض نفسه بسرعة ويُسقط القميص، غير أن وبره نفسه كان يشتعل بعد أن تبلل بالبنزين، يستغل هاني الفرصة ويخرج فانلته الداخلية الي فعل بها مثل ما فعل بقميصه، غمرها بالبنزين تاركاً بعضها جافاً ليمسكها منه، يجعلها تلمس النيران فتأخذ نصيبها هي الأخرى، ويطوح بها في وجه بقية الذئاب التي ترجع خوفاً. وهم على ذلك يمشون.

هاني بقبضة حديدة يسحب نواعم ويمرون عبر الذئاب متحملين قطرات النار التي كان تصيبهم بين الحين والآخر فيسرعون لإطفائها قبل أن تشب بهم. حتى إذا وصلوا للسيارة سمع هاني آهة من نواعم، ينظر ليجد ذئباً قد نشب أنيابه بكعبها، يسبه بصوت عال.. يكاد يرهبه بالنار لكنها بالفعل كانت قد قررت، أرادت الخلاص مما فعلت لما أسست الملجأ. لكنها في داخلها تعلم أن لا خلاص أبداً لها، لا خلاص سوى الموت. هكذا، تنسل من يد هاني في حركة سريعة وتلقي بنفسها للذئاب التي لا ترحمها فتنقض فوقها منشغلة عن هاني الذي وقع أرضاً يراقب فزعاً متسع العينين ما يجري. بعد لحظات يدرك أن لا أمل في إنقاذها وأن الدور عليه بعدها، ينهض سريعاً فيقفز داخل السيارة وعلى الفور يدير المحرك وينطلق بها بعيداً عن المشهد.

**

كان يقف أمامها متوجساً. وكانت امرأة خمسينية بدينة تبدو الطيبة على هيئتها. يقول:

_ مدام أماني؟

تبتسم له بود وقد بدا أنها تعرفه:

_ تفضل، بماذا أخدمك؟

_ نواعم…. أرسلتني.

تجهم وجه المرأة وقد بدا أنها تفهم، يكمل هو:

_ قالت شيئاً عن الميتم، أن أموالها كلها للميتم.

كان يقابلها في غرفة مكتبها المتواضعة التي لا تدل على أنها غرفة مدير. وكانا يجلسان إلى بعضهما البعض وبينهما طاولة. تسأله:

_ إذن قد حدث، قد ماتت.

يبتسم محرجاً:

_ بصراحة… لا أعرف كيف…

تخرج ورقة من مكان ما وتضعها على الطاولة أمام هاني، وكانت لذئاب يتجمعون حول فريسة ما في صحراء.. يأكلونها ويتناثر الدم على رمال صفراء، وفوق الذئاب كُتب نواعم، لا يكاد يفيق من الصدمة حتى يسمع صوت المرأة:

_ رسمتُ هذه، إذا كنت تعلم فأنت تعلم.

لثوان ينظر لها مندهشاً، ثم يقول بغتة:

_ وكيف حدث ذلك؟

_ طلبت منها أنه ترسله لي، كنت أعرف أن لا عزيز لي سواها والأطفال في الميتم.

_ يعني… هي كانت تعرف أنها ستم….

تقاطعه:

_ كانت نادمة، على الرغم من طريقة تجميعها لثروتها، لكنها كانت خيراً في داخلها، لكن ماذا تعلم عن الدنيا! رغبة واحدة قد تجعلك وحشاً دون أن تدري.

_ ولماذا لم تقل لي أي شيء؟ كان يمكنها أن تأتي لي وت….

_ أتسأل لماذا لم تحكي لك ببساطة أنك الوحيد الذي ستنجب منه دون أن يموت الطفل؟ بالله عليك! هل كنت لتصدقها؟ ثم لا تنس أنها حاولت الحديث معك لكنك صرفتها بجفاء، نعم يا سيدي، حكت لي كل شيء، كنت أمها التي لم تلدها.

يطرق هاني أرضاً وهو يتذكر أول لقاء بينهما، عقله يرفض تصديق أن نواعم التي قتلت زوجها وسيد بها شيء من الخير.. يقول:

_ نالت ما استحقت.

_ طبعاً. لا شك في هذا، لكن انظر حولك، لكم من مغتصب وقاتل وآثم يستحق هذا المصير ولا يناله.. أتعلم ما أظن؟ الصالحون فقط يغادرون مبكراً.

_ لكنها ليست صالحة و…

_ وهل كلنا ملائكة؟ ما فعل كل ذلك كان قلب أم محروق.

بدل وكأنه يجادل جزءاً عميقاً داخله. الجزء الذي تحرك لإنقاذ نواعم:

_ لكنكِ هكذا تصنعين أعذاراً لها.

_ ولا أعذار ولا غيره، ماتت وانتهت القضية.. شكراً لتكبدك عناء السفر كل هذه المسافة لإخباري.

_ لا… ولو.. أردت التأكد من صدقها بنفسي.

_ وهل تأكدت؟ الملجأ كله أمامك، كل الأوراق باسمها.

يقف قائلاً:

_ نعم.. أستأذن الآن.

تقف بدورها:

_ سأرافقك.

تقوده لباب الملجأ متحدثة معه حول صعوبة صنع جو إيجابي في مكان مثل هذا، وكان يرى من حوله الأطفال سعداء يبتسمون ويلعبون، وجرى واحد منهم ناحية السيدة أماني فاحتضنها واحتضنته، وترك ذلك في نفسه أثراً لا يُمحى. عند البوابة يسألها:

_ هل سيغفر لها هذا؟

_ أنا سأدعو لحصول ذلك.

_ وأنا سأدعو كذلك، سأتمنى لو عاشت ورأت ابنها سليماً بين يديها.

تمسح المرأة دمعة فرت منها قائلة:

_ وسيكون جميلاً مثلها.. حالم لم تبدله الظروف.

_ لا.. قولي قوي لا تبدله الظروف.

_ نعم.. هذا أفضل.

تمت بحمد الله

رابط مدونتي، مدونة براء الشافعي هنا

البراء

مصر - للتواصل: [email protected] \\ مدونة الكاتب https://baraashafee.blogspot.com/
guest
43 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى